حرية الإنسان في القرآن

يختلف مفهوم الحرية السائدة لدى البشر عن حرية الانسان المقصودة في القرآن الكريم، فلیست هی الحریة التی یفسد المرء بها نفسه، أو یحطم من خلالها کیانه، أو ینهی عن طریقها وجوده أو حیاته.

ولیست هی الحریة التی یفسد بها الآخرین، أو ینتقص من خلالها حریاتهم، أو یتسبب عن طریقها فی إیذائهم .

بل هی الحریة التی تحقق إنسانیته، وتؤکد وجوده، وملکیته لقراره.

ولا أرقی وأنقی ولا أعظم من أن یکون الإنسان حرا فیما یعتقده، وفیما یدین به ابتداء.

الاسلام لا يسلب الحرية عن الانسان

والإسلام لا یحجر علیه فی ذلک أبدا، بل یصرح القرآن الکریم بهذه الحریة، وهذا الحق فی قوله تعالی: لا إِکْراهَ فِی الدِّینِ قَدْ تَبَیَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَیِ"[1]

وإذا اعتنق إنسان ما الإسلام، واختاره عقیدة، عند ذلك لیس له أن یعدل عنه إلی غیره، وإلا انطبقت عليه صفة المرتد وعومل معاملة المرتدین .[2]

وغير ذلك مما سبقت الاشارة اليه، فللإنسان کامل الحریة دون قید أو شرط، فله أن يفعل ما يشاء ويترك لكنه مسؤول عن أعماله وهذا ما یقرره القرآن الکریم فی قوله تعالی: کُلُّ امْرِئٍ بِما کَسَبَ رَهِینٌ"[3]

إن هذه الحریة قد وهبها الله لعباده من بنی الإنسان، لأنه سبحانه عادل لا یظلم. ولذا قد أهدر کل ما یأتیه الإنسان عن إکراه وقسر سواء فی جانب الإیمان أو في جانب الکفر.

فمن أکره علی أن ینطق بکلمة الکفر فلا حرج علیه؛ حیث یقول سبحانه وتعالی: مَنْ کَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِیمانِهِ إِلَّا مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ"[4]

فصحيح أن الانسان له الحرية في أعماله لكن نتيجة حريته وثمرة أعماله التي اختارها بنفسه ستعود عليه من نوع ما عمل، كما اذا أخل بالنظام العام مهددا لكيان المجتمع بالارتداد مختارا وهو مسلم،هنا يحكم عليه بالقتل.[5]

المصادر:

[1] . سورة البقرة، الآية 356.

[2] . صحوة فی عالم المرأة، ص 101.

[3] . سورة الطور، الآية 21.

[4] . سورة النحل، الآية 106.

[5] . مقومات الإنسانیة فی القرآن الکریم، ص 9 بتصرف.