بلاغة السيدة زينب

إن السيدة زينب عليها السلام عايشت كل الأحداث التي رافقت وفاة جدها رسول الله صلى الله عليه وآله و ما جرى بعد وفاته، فهي أدركت تلك الأحداث على صغر سنها لنبوغها المبكّر ولها مواقف تدل على ذلك.

إن السيدة زينب عليها السلام كانت يوما فی طفولتها جالسة فی حجر أبیها وهو یلاطفها بالکلام، فقال لها: یا بنیّتی، قولی واحد، فقالت: واحد، فقال لها: قولی اثنین، فسکتت، ثم قالت علیهاالسلام: یا أبتاه، ما أطیق أن أقول اثنین بلسان أجریته بالواحد، فضمها علیهاالسلام إلی صدره، وقبّلها بین عینیها.[1]

ومما يدل على نبوغها أنها عليها السلام روت خطبة أمها الزهراء عليها السلام - وهي لم تتجاوز الخامسة من عمرها - في مسجد أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله في جمع من المهاجرين والانصار حيث ذکّرَتْهم بما ظهر فیهم بعد وفاة أبیها من النفاق وعدم الوفاق مع ما أمر به ونهی عنه وحذّره.

 إن الزهراء عليها السلام  وجهت كلامها نحو الخلیفة  فاحتجّت علیه بآیات من القرآن الکریم فی إرث الأنبیاء، ضاربة له الأمثلة من کتاب الله المجید، مفنّدة ما زعمه فی إرثها من أبیها النبی صلی الله علیه و اله، ثم وصفت للأنصار عظم المصیبة بوفاته صلی الله علیه و اله وعدم رعایتهم لحقه وحقها فأنذرتهم وحذّرتهم، وختمت کلامها بلوم القوم ثانیة، والشکوی إلی جهة قبر أبیها فی الختام.[2]

بلاغة السيدة زينب عليها السلام

إن السيدة زينب عليها السلام لما جئ بها والعيال الى الكوفة وقد خرج الناس للنظر إلیهم، وهم علی جمال بغیر وِطاء، وجعل نساء أهل الکوفة یبکین ویندبن.

فقالت زینب علیهاالسلام - وکأنّها تفرغ عن لسان أمیر المؤمنین علیه السلام:

الحمد لله، والصلاة علی أبی رسول الله، أمّا بعد، یا أهل الکوفة، یا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العَبْرة ولا هدأت الرنّة،... أتبکون؟! إی والله فابکوا کثیراً واضحکوا قلیلاً، لقد فزتم بعارها وشنارها، ولن تغسلوا دنَسها عنکم أبداً.[3]

المصادر:

[1] . عیون أخبار الرضا علیه السلام، ص 258، وأصول الکافی، ج 2، ص 16.

[2] . الخطبة كاملة في بلاغات النساء، ص 14-18.

[3] . وقعة الطف، ص 252-254 عن تاریخ الطبری وإرشاد المفید.