ملامح وصية النبي

المضمون في الوصية: لقد اختلف المسلمون بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر الإمامة والخلافة، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد اشار اليها من قبلُ في مواطن كثيرة آخرها في غدير خم،[1] فحرصا منه على أمته لئلا يقعوا من بعده في نزاع في مسألة الخلافة، أراد أن يكتب لهم ما يرفع نزاعهم واختلافهم، فقال لهم" هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده" الا أن البعض منع ذلك وقال" حسبنا كتاب الله".[2]

المضمون في الوصية

أولا: إن أهم أثر بارز لمضمون الوصية هو حفظ الامة من الضلال الذي واجه أمما أخرى بعد رحيل أنبيائها عنها.

ثانيا: إن المضمون قصير ومحدد، فليس هو من التوصيات العامة، لأن ظرف النبي الصحي لا يسمح بذلك، والكتف محدودة المساحة، قال ابن منظور: الكتف عظم عريض خلف المنكب. وفي الحديث" ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتابا"[3] كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم.[4]

ثالثا: أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يكتب ذلك المضمون - وهو مشابه لما قاله مشافهة - قبل فوات الاوان ليتحول الى وثيقة مكتوبة يصعب تجاوزها والالتفاف عليها، ولمّا توقع الحاضرون ذلك، بادروا الى معارضتها، والا فلو لم يكن لها سابقة لما عرفوا طبيعتها وما كان لهم موقف صارم في منعها.

رابعاً: إن المضمون يمس مصالح بعض الحاضرين لذا اتهم النبي صلى الله عليه وآله بالهجر[5] ليسلب شرعية الوصية ويقطع الطريق أمام أي محاولة لكتابتها.

خامسا: إن القرائن والشواهد تشير الى ان المضمون هو النص على إمامة وخلافة أهل البيت عليهم السلام يتقدمهم الامام علي، وهو ما قاله النبي صلى الله عليه وآله :" من كنت مولاه فعلي مولاه"،[6] الا أن الفرق بین الزمانین، هو أن الوحی یوم الغدیر كان قد فاجأهم والحاضرون جموع غفیرة من المسلمین من أقطار شتّیٰ، فلم تسنح الفرصة والظروف لمعارضته، بینما الحاضرون في رزية الخميس کانوا قد تهیّأوا للموقف المضاد حین وصیة النبی صلی الله علیه و آله وهم عدد محدود من الصحابة، لذا حالوا بینه وبین کتابة وصیته صلی الله علیه وآله.

المصادر:

[1] . مسند أحمد، ج 2، ص 71 ط الرسالة.

[2] . مصنف عبد الرزاق، ج 6، ص 90 ط التأصيل الثانية.

[3] . المعجم الكبير للطبراني، ج 11، ص 36.

[4] . لسان العرب، ج27، ص12.

[5] . صحيح البخاري، ج 3، ص 1111 و ص 1156 ت البغا.

[6] . حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر، ص526.