التحريف المتعمد في تراث المسلمين

تحريف جملة وخليفتي فيكم: من المؤسف جدا أن نرى بعض الايدي الاثيمة تحاول تحريف ما لا يروقها خصوصا إذا كان له أدنى مناسبة بأهل البيت عليهم السلام.

فلو رجعنا الى ما ذكره المفسرون في آية (وأنذر عشيرتك الاقربين) نجدهم يذكرون أن النبي صلى الله عليه وآله دعا عليا عليه السلام مع خمسة وأربعين رجلا من أسرة بني هاشم، فعزم أن يصدع لهم من أمر رسالته في خلال تلك الضيافة، فبعد أن هيأ الطعام لهم وفرغوا، بين لهم وقال: إني رسول الله اليكم خاصة والى الناس عامة.. فأیّکم یؤمن بی ویؤازرنی علی هذا الأمر علی أن یکون أخی ووصیّی وخليفتي فیکم؟

فأحجم القوم الا عليا فانه استجاب للنبي، وقال: أنا یا نبی اللَّه أکون وزیرک علیه، فأخذ برقبتی ثمّ قال: إنّ هذا أخی و وصیّی وخليفتي فیکم، فاسمعوا له وأطیعوا.

وحيث هذه الفقرة من كلام النبي فيها ما لا يرتضيه القوم، أخفوه بكلمة كذا وكذا، ففي تاريخ الطبري ورد حديث الدار بشكل مفصل،[1] لكن حصل تحريف الحدیث عن مواضعه فی تفسیره.

إبدال وخليفتي الى كذا وكذا

إنه حاول أن یفسر قوله (وأنذر عشیرتک الأقربین) وبدّل تصریح الرسول بالاخوة والوصایة والخلافة لعلی، والتجأ إلی الکنایة، فقال: فأیّکم یؤازرنی علی هذا الأمر علی أن یکون أخی وکذا وکذا... فأخذ برقبتی ثمّ قال: إنّ هذا أخی وکذا وکذا فاسمعوا له وأطیعو له.[2]

وقد فعل ابن کثیر (774) نظیر هذا فی تاریخه وتفسیره[3] وسلک نفس طریق التحريف ضارباً عرض الجدار مبدأ أمانة النقل.

هذا في القرون السابقة ولا يقل عنه عصرنا الحاضر، فهذا الدکتور هیکل فی کتابه "حیاة محمّد"، قد هاجم فی مقدّمته جماعة المستشرقین بشدة وانتقدهم بعنف لتحریفهم الحقائق التاریخیة، لكنه لما نقل حديث الدار، ذكر الواقعة مبتورة، فاکتفی من الجملتین الأساسیتین بذکر واحدة منها وهي: "من یؤازرنی یکون أخی ووصیّی وخليفتي" وحذف قول رسول اللَّه صلَّی اللَّه علیه و آله و سلَّم لعلی: "إنّ‌هذا أخی ووصیّی وخليفتي". ثم حذف کلتا الجملتین معاً فی الطبعات الجديدة.[4]

المصادر

[1] . تاریخ الطبری، ج 2، ص 62- 63.

[2] . تفسير الطبري، ج19، ص75.

[3] . تفسیر ابن کثیر، ج 5، ص 231 - وتاریخه، ج 2، ص 38 ط دارالکتب اللبنانیة.

[4] . حیاة محمد، ص 142، الطبعة الثالثة عشر.