ركنية الإمامة في القرآن

أوجب الله تعالى طاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الامر فقال تعالى" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم"[1]

والآية تبحث عن مسألة القيادة وتعيين المرجع الحقيقي للمسلمين في المسائل الدينية والاجتماعية، وحيث أن جميع الطاعات يجب أن تنتهي الى الله بحانه وتعالى بدأت بأمر المؤمنين بأن يطيعوا الله سبحانه، لأنه الحاكم والمالك التكويني لهذا العالم وكل حاكمية ومالكية يجب أن تكون بإذنه تعالى وأمره.

ثم أمرت باتباع النبي صلى الله عليه وآله وطاعته، وهو المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وهو خليفة الله تعالى فطاعته طاعة الله واتباع أمر الله.

وفي المرحلة الثالثة أمرت الآية بإطاعة أولي الأمر، وقرن سبحانه وتعالى طاعتهم بطاعة الرسول، فإذا لم يكن الآمر من أولي الأمر معصوما ومحفوظا من كل خطأ، لاستحالت مقارنته بالنبي صلى الله عليه وآله، لأن الأمر بالباطل لا يمكن أن يكون قرينا للأمر بالحق.

إذن لا محالة يكون مقصود الآية وجوب طاعة أولي الأمر الذي يكون معصوما ومحفوظا من كل خطأ لأنه الذي يحفظ للناس أمر دينهم ودنياهم.

طاعة الولي كطاعة الرسول

وبهذا الطريق يكون أمره مثل أمر الرسول في وجوب الإطاعة من دون قيد وشرط، ويكون مستوى طاعته كمستوى إطاعة الرسول وقد ورد في الحديث المتفق عليه بين الشيعة والسنة "من أطاع عليّا فقد أطاعني ومن عصى عليّا فقد عصاني"[2] ولعل هذه هي النكتة في عطف إطاعة أولي الأمر على إطاعة الرسول من دون تكرار لفظ "أطيعوا".

فهذه المقارنة إذن بيّنت أن القيادة والولاية بعد الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله هي قيادة إلهية بجعل من الله تعالى وبتعيين من الرسول وبالنتيجة أن هذه القيادة والولاية تكون بالنص والدليل اليقيني ومنحصرة في الأئمة الإثني عشر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله الذين طهرهم الله من جميع الأدناس تطهريا فصاروا خلفاءه من بعده.

و من هذه الجهة صارت محبة علي عليه السلام علامة الإيمان وبغضه علامة النفاق،[3] فإن من له السلطة يكون في معرض بغض جماعات من حيث سياسته لهم بما يخالف طباعهم بإجراء حدود الله تعالى، وبهذا البيان اتضح ركنية الإمامة في الايمان على خلاف ما زعمه ابن تيمية من نفي ذلك.

المصادر

[1] . سورة النساء، الآية 59.

[2] . المستدرك على الصحيحين، ج3، ص121.

[3] . صحيح مسلم، ج1، ص61.