خطبة الإمام السجاد في مجلس يزيد

18:22 - 2023/02/26

-لقد حملت خطبة الإمام السجاد عليه السلم أمام الطاغية والظالم يزيد عليه لعنة لعنة الله كثيرا من العبر والدروس.

خطبة الإمام السجاد في مجلس يزيد

بعد واقعة الطف وسبي نساء أهل البيت عليهم السلام ، جيء بهم إلى مجلس يزيد الملعون وأوقف الإمام السجاد عليه السلام معهن بين يديه ، فأمر يزيد الملعون بخطيب يمجد معاوية ويزيد ويذم الإمام الحسين والإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام ، فصعد الخاطب المنبر ثم أكثر الوقيعة في الإمامين عليّ والحسين عليهما السلام  وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد الملعونين. فصاح به علي بن الحسين الإمام السجاد عليه السلام: "ويلك ، أيها الخاطب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق؟ فتبوأ مقعدك من النار".[1]

فما كان من الإمام السجاد عليه السلام إلا أن خطب خطبته البليغة المشهورة التي ارتجفت منها فرائس الحاضرين.

نص خطبة الإمام السجاد عليه السلام

يروي صاحب المناقب وغيره أن الإمام السجاد عليه السلام صعد المنبر في محضر يزيد الملعون وجماعة من الناس جمعها فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب خطبته البليغة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب، فقال: "أيها الناس أعطينا ستا وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أيها الناس أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبى، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا: لا إله إلا الله أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين رسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين، والمجاهد أعداءه الناصبين وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين، وأول السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علمه سمح، سخي، بهي، بهلول، زكي، أبطحي، رضي، مقدام، همام صابر، صوام، مهذب، قوام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم عنانا، وأثبتهم جنانا، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة، وقربت الأعنة، طحن الرحا ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وكبش العراق، مكي مدني خيفي عقبي بدري أحدي شجري مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغى ليثها، وارث المشعرين وأبو السبطين: الحسن والحسين، ذاك جدي علي بن أبي طالب ثم قال: أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء.

الإمام السجاد عليه السلام

فلم يزل يقول: أنا أنا، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد لعنه الله أن يكون فتنة فأمر المؤذن فقطع عليه الكلام فلما قال المؤذن الله أكبر الله أكبر قال علي: لا شئ أكبر من الله، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال علي بن الحسين: شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي، فلما قال المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله التفت من فوق المنبر إلى يزيد فقال: محمد هذا جدي أم جدك يا يزيد؟ فان زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدي فلم قتلت عترته؟ قال: وفرغ المؤذن من الأذان والإقامة وتقدم يزيد فصلى صلاة الظهر.

ورُوي أنه كان في مجلس يزيد هذا حبر من أحبار اليهود فقال: من هذا الغلام يا أمير المؤمنين؟ قال: هو علي بن الحسين، قال: فمن الحسين؟ قال:
ابن علي بن أبي طالب، قال: فمن أمه؟ قال: أمه فاطمة بنت محمد، فقال الحبر: يا سبحان الله! فهذا ابن بنت نبيكم قتلتموه في هذه السرعة؟ بئسما خلفتموه في ذريته والله لو ترك فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لظننا أنا كنا نعبده من دون ربنا وأنتم إنما فارقكم نبيكم بالأمس، فوثبتم على ابنه فقتلتموه؟ سوأة لكم من أمة قال: فأمر به يزيد لعنه الله فوجئ في حلقه ثلاثا فقام الحبر وهو يقول: إن شئتم فاضربوني، وإن شئتم فاقتلوني أو فذروني فاني أجد في التوراة أن من قتل ذرية نبي لا يزال ملعونا أبدا ما بقي، فإذا مات يصليه الله نار جهنم".[2]

إنها خطبة جليلة تجسد الموقف ومواجهة الطغاة الظلمة والمجرمين بالحق ، وتبرز مكانة الذرية الطاهرة التي ينتمي إليها الإمام زين العابدين عليه السلام . لقد كانت خطبة عظيمة تحمل كل معاني الثبات في مضامينها والشجاعة والحق في معانيها.  

__________

المصادر:

[1] مقتل الحسين للخوارزمي ، ج2 ، ص76.

[2] بحار الأنوار ، ج ٤٥ ، ١٣٧ – 140.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
12 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.