تلازم العدالة الإلهية مع نصب الإمام

القائلون بفكرة الحسن والقبح العقلي من الامامية ومن تابعهم يعتقدون أن جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب، وأنه تعالى منزّه عن كل ظلم وجور وعبث.

ومقتضى الاعتقاد بعدالته في أفعاله وأحكامه أنه إذا وعد بالثواب فوعده واقع لا يخلف، قال تعالى "إن الله لا يخلف الميعاد"[1] واذا توعد بالعقاب انجزه إن أراد.

وعدله تعالى يقتضي أن كل صاحب حق يصل الى حقه يوم القيامة وأن كل ظالم يرى جزاءه، لأن شيوع الفساد يرجع الى أمرين، عدم المراقبة وفقدان القوة القضائية الرادعة، فإذا وُجد الامران، إنعدم الاعتداء والطغيان.

وعلى هذا فمن لا يؤمن بعدالته تعالى في يوم القيامة، سهل عليه ارتكاب الذنوب والظلم والفساد، ومن اعتقد بذلك أحس بالمسؤولية وارتدع. وعمل بوظائفه وتكاليفه الشرعية بأحسن وجه.

والقرآن الكريم أشار الى عدالته تعالى بقوله " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين"[2] وقوله تعالى " وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون"[3]

نظرة الفريق الآخر الى الله

ويعتقد الفريق الآخر من الاشاعرة ومن تابعهم بأن كل ما يقع في الوجود من أنواع الشرور ليس فيها شئ يقتضي مدح فاعله وثوابه ولا ذمه وعقابه، وانما صارت كذلك بعد ما تعلق بها الامر والنهي الشرعي.

وعلى هذا الزعم فتمكين الله العبد على فعل الشر، معناه رضاه لفعل العبد ذلك، لأن أصل الفعل ومحله وجميع جهاته صادر منه تعالى فيكون حسناً.

وهنا يتوجه اليهم سؤال هو: إذا كان فعل العبد صادر من الله فهو حسن لأجل هذه النسبة، اذن متى يكون فعل العبد قبيحا؟ وكيف يعقل عذاب العبد على فعل الشر بعد أن كان الخالق هو الفاعل للأفعال؟

إذن مسألة التحسين والتقبيح العقليين تحتل مكانة موموقة في تصحيح العقيدة، ويكون مقتضى العدالة الالهية تحقيق أهداف الرسالة ووجود معصوم في كل زمان يسد فراغ فقد النبي صلى الله عليه وآله " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما"[4]

فكونه عزيزا حكيما يعني قدرته على سد الفراغ، وإهماله يدل على الافتقار الى الحكمة وأنه عاجز، والله منزّه عن كل هذه العيوب.

المصدر

[1] . سورة آل عمران، الآية 9.

[2] . سورة الأنبياء، الآية 47.

[3] . سورة يونس، الآية 47.

[4] . سورة النساء ، الآية 165.