استدلال ابن تيمية المتناقض

استدل ابن تيمية بموقف ابن عمر من يزيد بن معاوية حيث بايعه بعد أن حرّف الحديث الذي رواه  عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

ثم قال ابن تيمية «هذا الحديث دل على ما دل عليه سائر الأحاديث الآتية من أنه لا يخرج على ولاة أمور المسلمين بالسيف، وأن من ‌لم ‌يكن ‌مطيعا لولاة الأمور مات ميتة جاهلية"[1]

استدلال ابن تيمية المتناقض

إن استدلال ابن تيمية بموقف ابن عمر مناقض لما زعمه أبناء جلدته في حق أهل الجمل وصفين، فإنهم قد ذهبوا الى كونهم مسلمين ميتين على دين الله ورسوله دون ميتة جاهلية، مع أن جميع المسلمين من أهل القبلة اتفقوا على أن هؤلاء خرجوا على إمامهم وولي أمرهم بالسيف، ففي ذلك الوقت لماذا لم يقل ابن عمر لهم سمعت رسول الله يقول كذا وينقل لهم الحديث؟

وقد كانت خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بالنص في الغدير وبالانتخاب من المسلمين، فإنه قد اجتمعت الأمة الاسلامية بعد مقتل عثمان على خلافته عليه السلام.

قال ابن حجر: "وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والانصار وكل من حضر وكتب بيعته الى الآفاق، فأذعنوا كلهم الا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعدُ ما كان"[2]

إن رجوع الصحابة بعد مقتل عثمان الى بيعة أمير المؤمنين عليه السلام كان بسبب ظهور سلبيات تركهم بيعته يوم غدير خم و تركهم أهل بيته بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله.

إنهم رجعوا اليه وعرفوا أنهم قد قصروا في أمرهم فبايعوه ثم نصروه في حروبه، فكان من واجب أبناء السقيفة أن يعترفوا بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام لأنهم هم الذين أسسوا هذا الاساس في الإمامة وقالوا بأن من بايعه الناس تجب طاعته.

فبناءً على شرعية بيعة الخليفة بالانتخاب في مسلك أهل السنة، فقد تمت بيعة الامام علي عليه السلام، ولم يتقاعس عن بيعته الا شرذمة قليلة كمعاوية وابن عمر، وهؤلاء لا اعتبار لرأيهم بعد مخالفتهم للنصوص القطعية التي وردت في الكتاب والسنة، فكيف بعد هذا يستدل ابن تيمية بموقف ابن عمر من يزيد ويطبق عليه حديث الرسول بأن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية؟

المصادر

[1] . منهاج السنة ،ج1، ص 111.

[2] . فتح الباري، ج7، ص58.