المقصود من تقدم قريش

احتج عمر يوم السقيفة على المهاجرين بأن القرشيين مقدمون على غيرهم بالنسبة الى أمر الخلافة. لأن النبي قال: «الأئمة في قريش»[1]

إن احتجاج عمر هذا يرد عليه بعض الملاحظات منها: أن ما ذكره في السقيفة مناقض لما ثبت عنه في أواخر حياته حيث قال: لو كان معاذ بن جبل حيّا لوليته الأمر، وكذا قوله في سالم مولى ابي حذيفة و"هو عبد لامرأة من الأنصار" ، وهما ليسا من قريش.

أيضاً النصوص وردت عن أن النبي صلى الله عليه وآله أكد أن أكثر بطون قريش بغضا لمحمد وآل محمد هم بنو أمية وبنو مخزوم وغيرهم الذين هم من قريش.[2] و ورد عنه صلى الله عليه وآله حديث "هلاك أمتي على أدي أُغيلمة سفهاء" و " إن هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش"[3] فكيف يفضلهم عمر على غيرهم؟

ما قاله عمر قريش ليس مطلقا

ثم إن الحديث الوارد بأن الخلفاء من قريش حيث استند اليه عمر بن الخطاب يوم السقيفة، ليس على إطلاقه بل مقيد بالروايات الصحيحة لدى الفريقين من أن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم"[4]

فصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله من قريش إلا أنه من بني هاشم الذين هم من قريش وكذلك خلفاءه المنصوص عليهم، هم من قريش بنفس البيان.

وبناء على هذا فالحديث لا يدل على أنهم مقدمون على غيرهم من الناس وإن كانوا أراذل القوم، لأن الاسلام قد عين ميزانا كليا لتقدم بعض الناس على الآخرين وهو الايمان والتقوى حيث قال تعالى إن أكرمكم عند الله اتقاكم"[5] فتفضيل عمر قريش على المهاجرين، والمهاجرين على الانصار، والعرب على العجم كما هو مشهور في التاريخ، مخالف للكتاب والسنة، حيث "قال - صلى الله عليه وسلم : «لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى"[6]

المصادر

[1] . الرسائل السياسية ص39.

[2] . المستدرك للحاكم،ج4،ص487.

[3] . صحيح البخاري،ج8، ص88. في كتاب الفتن.

[4] . صحيح مسلم، ج7،ص58.

[5] . سورة الحجرات، الآية 13.

[6] . مسند أحمد،ج 38، ص 474 ط الرسالة.