دعوى ارتداد الصحابي مالك بن نويرة

قصة مانعي الزكاة : ذكر ابن تيمية حديث "من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلته جاهلية" ثم قال: وهذا الحديث يتناول من قاتل في العصبية، والرافضة رءوس هؤلاء.[1]

لقد تغافل ابن تيمية عن أن أول محاربة صدرت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي محاربة مانعي الزكاة، فقد حاربهم إمام السقيفة ومن تابعه لعصبية، لعلمهم بأن علي بن ابي طالب عليه السلام هو الذي له حق المحاربة لمن بغي عليه دون غيره وهو الذي يحارب على التأويل كما حارب رسول الله صلى الله عليه وآله على التنزيل على ما جاء في الخبر المشهور.[2]

السر في قتل مانعي الزكاة

إن الباحث لو درس التاريخ لانكشفت له حقيقة قصة محاربة مانعي الزكاة، إن السر في قتلهم الصحابي الجليل الذي ولّاه النبي صلى الله عليه وآله على صدقات قومه ثقة به، أن مالك بن نويرة وقومه امتنعوا عن اعطاء الزكاة لأبي بكر و حكومته، لأنهم شككوا في صحة البيعة لأبي بكر ولذلك سمّوهم بأهل الردة وصدر الحكم من الخليفة وأنصاره بقتلهم وانتهاك حرماتهم حتى لا يتفشى في العرب رأي المعارضة أو المناقشة في أمر الخلافة.

إن التاريخ ينقل لنا أن مانعي الزكاة لم يرتدوا عن الاسلام، كيف وقد صلوا مع خالد وجماعته عندما حلوا بفنائهم؟

أيضا ابو بكر نفسه أبطل هذه الدعوى الكاذبة بدفعه ديّة مالك من بيت المال واعتذرعن قتله.[3] والمرتد لا يُعتذر عن قتله ولا تدقع ديّته من بيت المال، كما أنه لم يقل أحد من الصحابة وغيرهم من السلف أن مانعي الزكاة ارتدوا عن الاسلام، إذ بأي كتاب و بأي سنة يجوز لهم نسبة هذه الفرية و القوم قد آمنوا بالله ورسوله وابتغوا سبيل الحق وصدّقوا بالحسنى وأذّنوا وأقاموا وصلوا وكانوا مسلمين حقّاً.

لقد حاول جماعة من السلف المدافعين عن أصحاب السقيفة أن يلصقوا اسم الارتداد بمالك وعشيرته وحاولوا جهدهم في ذلك وبدون أن يبرروا أفعال أبي بكر وخالد فلم يجدوا بُدّاً من نسبة الارتداد اليهم، لأنهم عرفوا أن ذلك لا يصح حتى أن البخاري عندما أخرج الحديث جعل له باباً بعنوان: "من أبى قبول الفرائض وما نُسٍبُوا الى الردة"[4] وكلامه هذا دليل على أن البخاري نفسه لا يعتقد بردتهم.

المصادر

[1] . منهاج السنة، ج1، ص 112.

[2] . مسند أحمد، ج 17، ص 391 ط الرسالة.

[3] . أسد الغابة، ج4، ص295-296.

[4] . صحيح البخاري، ج 6، ص 2538 ت البغا.