كلاب الحوأب تنبح عائشة

أرسلت عائشة وهي في البصرة رسالة تقول فيها: من عائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله الى ابنها زيد بن صوحان، فأما بعد فأقم في بيتك وخذّل الناس عن ابن ابي طالب، ليبلغني عنك أحبّ، فإنك أوثق أهلي عندي والسلام.

فأجابها الرجل الصالح: إن الله أمرك أن تقري في بيتك وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك تأمريني فيها أن أصنع خلاف ما أمرني الله به،... فأمركِ عندي غير مطاع وكتابك لا جواب له.[1]

عائشة تخرج للحرب على خلاف ما أمرها الله تعالى وقد حذّرها رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن أنبأها بخروجها على امام زمانها قائلاً: كأني بإحداكنّ قد نبحها كلاب الحوأب وإيّاكِ أن تكونيها يا حميراء.[2]

خرجت عائشة ولما بلغت بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا : الحوأب، قالت ما أظني الا راجعة، فقال الزبير: لا ، بعد تقدمي ويراك الناس ويصلح الله ذات بينهم، قالت ما اظني الا راجعة سمعت رسول الله يقول كيف بإحداكن اذا نبحتها كلاب الحوأب.[3]

لا يمكن التصديق بأن عائشة ارادت الرجوع

هكذا يروون أنها أرادت الرجوع من الحرب، ولكن لا يمكن التصديق بذلك لأن أم سلمة قد حذرتها عن الخروج قبل أن تخرج، وذكّرتها بمنزلة علي عند رسول الله وبحديث الحوأب، فقالت عائشة إنما أخرج للإصلاح بين الناس.[4]

خرجت عائشة على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام لبغضها له، فهي كانت مستعدة لهذه الفرصة وقد سجّل لها التاريخ كُرها وبغضاً له عليه السلام لم يُعرف له مثيل وصل بها الى حد أنها لا تطيق ذكر اسمه، ففي رواية البخاري عن عبيد الله بن عبد الله، قالت عائشة : لما ثقل النبي صلى الله عليه وآله فاشتد وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذنّ له فخرج النبي بين رجلين تخط رجلاه الأرض وكان بين العباس وبين رجل آخر،  قال عبيد الله فذكرت لابن عباس ما قالت عائشة، فقال لي وهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قلت كلا، قال: هو علي بن اي طالب.[5]

هذا واهل السنة يروون في صحاحهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق"[6]

المصادر

[1] . شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد، ج6، ص226.

[2] . الامامة والسياسة، ج1، ص60 و80.

[3] . المستدرك على الصحيحين، ج3، ص 120.

[4] . شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد، ج6، ص217-218.

[5] . صحيح البخاري، ج3، ص134.

[6] . صحيح مسلم، ج1، 61.