أوّلُ مَنْ جنح الى العصبية القومية

الشرع يرفض العصبية :نقل ابن تيمية حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله "من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلته جاهلية" وطبّقه على الشيعة وقال:هذا الحديث يتناول من قاتل في العصبية، والرافضة ‌رءوس ‌هؤلاء"[1]

إن العصبية قد بينها رسول الله صلى الله عليه وآله في رواية الأسقع قال: قلت: «يا رسول الله ما ‌العصبية قال: أن تعين قومك على الظلم"[2]

لقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله بنشر رسالة الإسلام، وتحمل المشاق في سبيل ذلك، وعيّن خليفته من بعده بأمر من الله تعالى.

الا أن سلف ابن تيمية لم يرقهم ذلك التعيين فكانوا يتحينون الفرص ليظهروا ما بأنفسهم من عصبية.

السقيفة و العصبية القومية

والمتتبع لتاريخ الاسلام يجد أن أول من جنح الى الفتن وخلق العصبية القومية وغيّر تاريخ المسلمين ومزّقهم شيعاً ومذاهب وفرقاً وأشعل نار الحرب الطائفية هما العمران في السقيفة، لأنهما اتفقا على تقديم قريش على غيرهم من العرب والعجم، لا لفضل قريش على غيرهم وانما لأن قريش مجمعون على العداء لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله.

لقد كان الشيخان يراقبان الاحداث ويرصدان التحركات من أجل إعمال خططهم، ولما عقد الانصار اجتماعا لهم بعيدا عن أعين قريش في السقيفة من أجل تعيين رئيس القبيلة وشيخ العشيرة لا لتعيين الخليفة، لكن تسرب الخبر الى قريش والى ابي بكر وعمر فجاءا مسرعين واقتحما على الانصار مؤتمرهم، فنشب الجدل بين الفريقين وارتفعت الاصوات، وظهر قرن العصبيات وأطلّت الفتنة برأسها ودار الأمر حول محور العنصرية، ورفضوا دعوة الحق وكأنهم نسوا أن النبي صلى الله عليه وآله كان مبرءً من تلك العصبيات والمعايير الجاهلية.

قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير[3] فلم يقبل القرشيون بذلك محتجين بالزعامة التقليدية لقريش على العرب، وبهذه الحجة طرح ابو بكر مشروعه الخاص بقوله نحن الأمراء وانتم الوزراء. وقال عمر: من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياءه وعشيرته.[4]

وهكذا ساد الهرج والمرج ووقعت البيعة الفلتة وحسم الامر لصالح العصبية القرشية وصارت الخلافة لمن غلب بالقوة.

لقد غلط ابن تيمية لما نسب العصبية الى الشيعة لدفاعهم عن أهل بيت الرسول وغض طرفه عن عصبية أسياده، والشرع ينادي "لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إِلَّا بِالتَّقْوَى"[5]

المصادر

[1] . منهاج السنة النبوية،ج 1،ص 112.

[2] . اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم،ج 1،ص 242.

[3] . الامامة والسياسة، ج1، ص7.

[4] . الكامل في التاريخ،ج2،ص329.

[5] . مسند أحمد،ج 38،ص 474 ط الرسالة.