تتويج الإمام الرضا

لقد سُئل الإمام الرضا عليه السلام عن سبب قبوله لتلك الولاية، فقال السائل" يابن رسول اللّه! ما حملك على الدّخول في ولاية العهد؟ فقال عليه السلام: ما حمل جدّي أميرالمؤمنين عليه السلام على الدّخول في الشّورى.[1]

لكن في المقابل قد يطرح سؤال عن سبب رفض الامام عليه السلام لها، وهنا احتمالان يتبادران الى الذهن.

أوّلًا: إنّ تلك الخلافة لا تليق بالامام عليه السلام، لأنّ بنائها كان قائماً على أساس فاسد جيشها ونظامها وقوانينها وكلّ شيء، ولوقبل الإمام عليه السلام بها، كان عليه أن يهدمها ويبنيها من جديد، ولم يكن ذلك أمراً ممكناً في تلك الظروف.

ثانياً: إنّ المأمون لم يكن صادقاً في عرضه، فهو كان يدبّر حيله مع حزبه للإيقاع بالامام عليه السلام إن قَبِلَ بالخلافة، بعد أخذ الشّرعيّة منه كما فعل بالنّسبة إلى ولاية العهد.

ومما يوضح علل رفضها، أن الامام عليه السلام اشترط في قبوله لولاية العهد ألّا يتدخَّل في شؤون الدّولة من قريب أو بعيد، وهذا ما أفقدهم القدرة على تمشية الاُمور باسم الامام عليه السلام وكسب الشّرعيّة، لأنّ الإمام لا يعترف بشرعيّة النّظام بأيّ وجه، وقد حاول المأمون مراراً أن يستدرج الإمام للتدخّل في الشؤون فلم يقبل.

محاورة الإمام

وهذا يظهر من محاورة المأمون للرضا عليه السلام لما قال له " إنّي قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك واُبايعك. فقال له الإمام الرّضا عليه السلام: إن كانت هذه الخلافة لك واللّه جعلها لك فلا يجوز ان تخلع لباساً ألبسكَهُ اللّه وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ماليس لك.فقال له المأمون: يابن رسول اللّه ! لابدّ لك من قبول هذا الأمر. فقال: لست أفعل ذلك طائعاً أبداً.

فغضب المأمون من موقفه الإمام هذا وقال: إنّك تتلقّاني أبداً بما أكرهه، وقد آمنتَ سطوتي، فباللّه اقسم لئن قبلتَ ولاية العهد، وإلّا جبرتُك على ذلك، فإن فعلتَ وإلّاضربتُ عنقك.

فقال الإمام الرضا عليه السلام: قد نهاني اللّه تعالى أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك وأنا أقبل ذلك، على أنّي لا اولّي أحداً، ولا أعزل أحداً، ولا أنقض رسماً ولا سنّة، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً،[2] فرضي منه ذلك، وجعله وليّ‌عهده على كراهة منه عليه السلام بذلك.

المصادر:

[1] . عيون الأخبار، ج۲، ص۱۴۰.

[2] . منتهى الامال، ج2، ص458.