التعصب يجر الى الباطل

إن الانسان يحب نفسه ويجهد في سبيل ما يعود اليه بالنفع، فيغفل عن الحق ويتخذ الباطل هدفا وغرضا مع علمه بأن الباطل لا يؤدي الا الى الانحراف عن الطريق الصحيح والضلال في المسير فهو يتشبث به تشبث الغريق.

في حين أنه لو تناصف الحق، لوجد الحق بأجمل صورته، لأن الحق، حسن بالذات ولذلك ترى كل أحد يحب أن يصف نفسه بالحق، وإن كان عمله مخالفا للحق.

الحق أوسع الأشياء

وهنا يتضح قول أمير المؤمنين عليه السلام لما قال: الحق أوسع الأشياء في التوصيف، وأضيقها في التناصف.[1] إن الامام عليه السلام أوضح بهذه العبارة رغبة أغلب الناس الى الحق، وتمايلهم اليه قلبا ويصفون أنفسهم به، الا أنهم لا يهمهم حقيقة الحق، إنما يهمهم المصالح الشخصية والمنافع الدنيوية والميول النفسية، وعند ظهور حقيقة الحق يتذرعون بحجج واهية ليسوغ إعراضهم عنه.

فلو خلت الأذهان من التعسفات وحب النفس، لوجدوا الحق بأجمل صورته، لأنهم يدركون قيمته وأهميته، لأن الحق حسن ذاتا، واذا نظرنا الى كتب ابن تيمية وكثير من أبناء جلدته، نراهم متعصبين لمذهبهم ومعاندين للحق ومتحجرين في أفكارهم غير متخلقين بالاخلاق الكريمة، فيرشقون غيرهم بالتهم والافتراءات ليسيئوا الظن بهم ويسبونهم.

وطريق المعالجة لهذه المعظلة لا يكون الا بالعمل بما أمر الله عباده في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم.[2]

وقوله تعالى: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير.[3]

وظاهر الآية الثانية عدم الاكتفاء بذكر - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - لفظا، بل ينبغي أن يُجعل من هذا الذكر فكراً بأن لا يُسمح للأهواء النفسية والعصبيات العمياء أن تتغلب على التوجه أمام فهم وإدراك الحقائق.

فقد ورد في الحديث " لولا أن الشياطين يحومون حول قلوب بني آدم لنظروا الى ملكوت السماوات"[4]

المصادر

[1] . نهج البلاغة، ج2، ص198 الخطبة 216.

[2] . سورة الاعراف، الآية 200.

[3] . سورة غافر، الآية 56.

[4] . كنز العمال، ج11،ص400، ح31861.