-الظالم من تلبس بالظلم، فيقبح ائتمان الظالم على الرسالة والنبوة والامامة لقوله تعالى " لا ينال عهدي الظالمين"
إن القرآن الكريم بجميل إشاراته ووضوح حججه يشير الى أن غير المعصوم لا يستحق الإمامة، لأن الفاسق ظالم ومطلق الظالم لا يصلح للإمامة.
إن الظالم من تلبس بالظلم والفسق ولو آناً ما، لعدم اختصاص الحكم بزمان دون زمان، والله سبحانه بعد بيان قصة ابراهيم عليه السلام ونجاحه في الاختبارات الثقيلة والكاشفة عن قوة ايمانه، وبعد ما منحه الإمامة، تمنى ابراهيم عليه السلام أن يستمر خط الامامة في ذريته، فجاء الجواب منه تعالى فقال: لا ينال عهدي الظالمين"[1]
فالله تعالى استجاب دعوته ولكن أكد له ان هذ المقام العظيم لا يناله الظالمون، فنفى استحقاق عهده الذي هو الولاية والامامة للظالمين بصورة مطلقة إذ لم يحدد كلامه الحكيم بقيد من القيود، ومقتضى الاطلاق شمول العنوان لجميع من تلبس بالظلم ولو آنا ما.
الظالم في كلمات اهل التفسير
وقد عقّب بعض العلماء على هذه الآية وقال: إجابة الى ملتمسه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة، وأنهم لا ينالون الإمامة لأنها أمانة من الله تعالى وعهده، والظالم لا يصلح لها، وإنما ينالها البررة الأتقياء منهم، وفيه دليل على عصمة الانبياء قبل البعثة، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة"[2]
وقال الزمخشري في تفسير الآية:" وقالوا في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته ولا تجب طاعته ولا يقبل خبره ولا يقدم للصلاة، وكان ابو حنيفة يفتي سرا بوجوب نصرة زيد بن علي - رضوان الله عليه - وحمل المال اليه والخروج معه على اللص المتغلب المسمى بالامام والخليفة كالدوانيقي وأشباهه"[3]
الى غير ذلك من كلمات القوم الدالة على عدم استحقاق الإمام لمن صدق عليه عنوان الظالم، والظالم هو من تعدى حدود الله وارتكب معصية، قال تعالى " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"[4] وقال تعالى " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه"[5]
فالظالم من انحرف عن الحق وارتكب معصية، ولا يتفاوت الحال سواء كانت معصية صغيرة او كبيرة لأن في الجميع خروج عن طاعة الله ومعصية له.
المصادر
[1] . سورة البقرة، الآية 124.
[2] . تفسير البيضاوي، ج1، ص297.
[3] . الكشاف،ج1،ص309.
[4] . سورة البقرة، الآية 299.
[5] . سورة الطلاق ، الآية1.