-إن العبرة عند القوم في الامامة والخلافة هي ان يكون الخليفة مسلطا على الناس سواء كان عالما ام جاهلا.
تختلف النظرة الى الحاكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بين السنة والشيعة، يقول ابن تيمية: «فإن المقصود من الامامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما. ولهذا قال أئمة السلف: من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما مقصود الولاية، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم»[1]
الامامة بين الرحمة والرهبة
تغيرت النظرة الى الامامة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، وتشتت الأمة الى مذاهب واتبعت الامراء والخلفاء الجائرين، فكان الحاكم يعتبر نفسه صاحب الحق الشرعي في تنفيذ الاحكام والحدود، ولا يرى من حق أحد ان يعارضه، فهذا عمر بن الخطاب كان يعتقد بأن الامامة والخلافة ملك لقريش وحدها كما ان ابابكر كان يعتقد ذلك ايضا،إذ في المهاجرين من ليسوا من قريش، ومن ليسوا بعرب، فكان حسب اعتقادهم لا يحق لسلمان الفارسي ولا عمار بن ياسر ولا بلال الحبشي ولا غيرهم من الصحابة أن يتصدوا للخلافة،[2]
ونفس الوقت يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة»[3]
فالخلفاء الجائرون اعطوا المناصب وابعدوا اهل البيت عنها قسرا وظلما ولما تقلّدوا الحكم تسلطوا على رقاب الناس وأتوا بالحطب الى بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وأضرموا النار بباب علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وساقوا ابا الحسن حاسر الرأس حافي القدمين مهددا بالقتل الا يبايع، وقتلوا مالك بن نويرة المانع عن اعطاء الزكاة لهم، وقضوا على كل مخالف لهم فتبعهم أغلبية الناس لأنهم لم يجدوا حرجا في ذلك.
فالسلطة اسندت أوامرها الى التعدي والفتك والظلم والدمار والقضاء على وعيها وتفكيرها، وضربت بأوامر الله ورسوله عرض الجدار.
وهذا المنهج يختلف اختلافا جذريا عن المنهج الذي يقول به اهل بيت النبوة وشيعتهم في الامامة تماما، فالامام عندهم من اختاره الله وعينه رسو ل الله صلى الله عليه وآله فهو الاتقى والاعلم والافهم والاشجع والافضل والارحم، وكان به صلاحيات واسعة لقيادة الامة والدعوة الى الله تعالى والدولة الكريمة وجعل الناس في مأمن من أيّة شرور وبوائق تأتي منه.
المصادر
[1] . منهاج السنة النبوية،ج 1، ص 527.
[2] . صحيح البخاري،باب المحاربين، ج8،ص27.
[3] . منهاج السنة النبوية،ج 4، ص 413.