-يروي ابن تيمية حديث الرسول في طاعة الائمة اذا كانت في طاعة الله دون معصيته ويغض طرفه عن مخالفة ابي بكر وخالد للسنة.
قال ابن تيمية: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاجتماع، والائتلاف، ونهى عن الفرقة، والاختلاف، ولم يأمر بطاعة الأئمة مطلقا، بل أمر بطاعتهم في طاعة الله دون معصيته»[1]
وهذا القول من ابن تيمية أعظم حجة عليه وعلى اهل مذهبه من حيث مخالفتهم لما أمر به النبي صلى الله عليه وآله في عصمة دم المسلم، ولا يفيده القول أن «غاية ما يقال: في قصة مالك بن نويرة: إنه كان معصوم الدم، وإن خالدا قتله بتأويل»[2]
فقد نقل ابن الاثير قصة مالك بن نويرة ثم قال: إن مالكا لم يرتد وذلك لقول عمر لخالد «قتلت امرأ مسلما، وأبو قتادة يشهد أنهم أذنوا وصلوا، وأبو بكر يرد السبي ويعطي دية مالك من بيت المال»[3]
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله صريح
فمحاولة ابن تيمية وبعض اهل السنة باطلة في تأويل حديث رسول الله صلى الله عليه وآله " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله" للدفاع عما ارتكبه خالد بأمر من ابي بكر، بالقول أن مالكا كان من اهل الردة، لأن الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وآله صريح في أن من قال: لا اله الا الله فقد عصم دمه وماله. وهذا ما اخرجه البخاري[4] ومسلم في هذه الواقعة.
والزكاة لو كانت حق المال، فإن غاية ما يمكن أن يقال في المقام هو أن يأخذ الحاكم الشرعي الزكاة من المسلمين بقوة من مانعها بدون قتله وسفك دمه.
ولو كان تأويلهم صحيحا، لقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله ثعلبة بن حاطب الانصاري الذي شكى الى رسول الله صلى الله عليه وآله الفقر وطلب أن يدعو له الرسول بالغنى والثروة، ولما أعطاه الله الاموال رفض دفع الزكاة وقال: إنها أخت الجزية.[5]
ايضا لو كان مالك وقومه مرتدين لكان من الواجب على ابي بكر وخالد أن يستتيبا مالك بن نويرة وقومه الى مدة ثلاثة ايام كما فعله النبي صلى الله عليه وآله عندما بلغه ارتداد امرءة تدعى أم رومان فأمر أن تستتاب والا قتلت.[6]
وهذا هو الحكم الاسلامي فهل غاب عن المدافعين الذين غضوا اعينهم عما ارتكبه ابوبكر وخالد، وكيف ساغ لهم تأويل قتل المسلمين الابرياء وأن ينكح امرأته في نفس الليلة ثم يُحمل ذلك على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله؟
المصدر
[1] . منهاج السنة النبوية،ج 1،ص 115.
[2] . المصدر، ج5، ص518.
[3] . أسد الغابة في معرفة الصحابة ط العلمية، ج 5، ص 48.
[4] . صحيح البخاري، ج 2،ص 507 ت البغا
[5] . مجمع الزوائد، ج7، ص31.
[6] . فتح القدير، ج4، ص386.