أبوبكر يناقض نفسه

روى الذهبي أن أبا بكر خطب الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله قائلاً لهم: إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد إختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فولوا بيننا كتاب الله فاستحلوا حلاله و حرموا حرامه.[1]

فلو فرضنا أن ابا بكر ليس له سوء نية بهذا الموقف من نشر حديث الرسول، فلماذا لم يلتزم بما قال عندما اختلف مع بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله الصديقة الطاهرة ونقل الحديث الذي نسبه الى النبي " نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة".

لماذا لم يحتكم ابوبكر الى كتاب الله تعالى فيحل حلاله ويحرم حرامه كما فعلت الزهراء عليها السلام حيث اعترضت عليه بالآيات العامة المشرّعة للميراث وبالآيات الخاصة الدالة على توريث بعض الانبياء والتي كشفت عن اختلاق الخبر المزبور الذي ادعاه ابوبكر على ذلك.

السر في منع ابي بكر

إن السر في منع ابي بكر نشر حديث رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أحرق المجموعة التي جمعت على عهده وهي خمسمئة حديث، هو خوف تفشي سوء نيته عند الصحابة، لذا كانت سياسته نفس السياسة التي استعملها عمر بن الخطاب في رزية الخميس، فإنه وافقه بالضبط وذلك عندما قال رسول الله صلى الله عليه وآله" هلموا أكتب لكم كتابا لا يضلوا بعده أبداً" فقال عمر: إن رسول الله يهجر، أو غلب عليه الوجع، وهو ايضا يرجع الى نفس المعنى، أي أن رسول الله يهذي - والعياذ بالله - حسبنا كتاب الله.[2]

فكتاب الله الذي حكم الرجلان كلاهما بأنه يكفينا، قد حكم بأن الانبياء يَرثون ويورثون كما قال علماء التفسير من أهل السنة،[3] فلماذا منع ابوبكر الزهراء عليها السلام فدكاً وفرض رأيه عليها؟

فما فعله ابوبكر كان أول منكر من خلفاء الجور وقد فتح الطريق للمنافقين والمنقلبين ليرتاحوا في ارتكاب كل منكر، ومخالفة ضروريات الدين، وكان نهج خلفاء بني امية على ذلك، بل تفننوا في وضع الاحاديث المزوّرة المكذوبة على رسول الله حتى ابتلى المسلمون في كل عصر بالمتناقضات و الاساطير والمخاريق.

المصدر

[1] . تذكرة الحفاظ، ج1، ص2.

[2] . صحيح البخاري، ج5، ص137.

[3] . تفسير الآلوسي،ج4،ص217.