كرم الامام الصادق عليه السلام

إن الامام الصادق عليه السلام من أهل بيت أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ومن عترة تركها النبي صلّى اللّه عليه وآله في أمّته لتكون بياناً عن كتابه الصامت، لذا فسيرته القويمة تريد بالناس إِخراجهم من الغواية إلى الهداية، ومن العمى إلى البصر، ومن الجهل إلى العلم، وسريرته مطويّة في هذه السيرة.

إن للإمام الصادق عليه السلام، أخلاق عظيمة وغرائز نفسيّة، وطبائع فطريّة، ومن يستقص سيرته عليه السلام يعرف أنه الشخصيّة المثاليّة لأبيه المصطفى صلّى اللّه عليه وآله وما المرء إِلا بعمله، فأعماله عليه السلام ترجمان ذاته وصفاته.

فقد خرج يوماً وهو يريد أن يعزّي ذا قرابة بفقد مولود له، ومعه بعض أصحابه فانقطع شسع نعل الامام، فتناول نعله من رجله، ومشى حافياً، فنظر إليه صاحبه فخلع نعل نفسه من رجله، وخلع الشسع وناوله الامام، فأعرض عنه وأبى أن يقبله، وقال: صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها، فمشى حافياً حتّى دخل على الرجل الذي أتاه ليعزّيه.

كرمه عليه السلام

كان الامام عليه السلام إذا بسط المائدة حثّ الحاضرين على الأكل ورغّبهم فيه، ولربّما يأتيهم بالشيء بعد الشبع، فيعتذرون فيقول: ما صنعتم شيئاً، إن أشدّكم حبّاً لنا أحسنكم أكلاً عندنا.[1]

و إذا أطعم أصحابه يأتيهم بأجود الطعام، قال بعضهم: كان أبو عبد اللّه عليه السلام ربّما أطعمنا الفراني والأخبصة، ثمّ أطعمنا الخبز والزيت.

كان الامام الصادق عليه السلام، مع ذلك الشأن والسنّ يمنع ضيفه من القيام لبعض الحوائج فإن لم يجد أحداً قام هو بنفسه، ويقول: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عن أن يستخدم الضيف.[2] ولرغبته في بقاء الضيف عنده كان لا يساعده على الرحيل عنه، فقد أمر غلمانه ألا يعينوا الضيوف على الرحلة، فقال الضيوف: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لقد أضفت فأحسنت الضيافة، وأعطيت فأجزلت العطيّة، ثمّ أمرت غلمانك ألا يعينونا على الرحلة، فقال عليه السلام: إِنّا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا.[3]

المصدر

[1] . الكافي ،ج6، ص 246.

[2] . بحار الأنوار،ج 47 ، ص 40.

[3] . مجالس الصدوق، مجلس 18.