جابر بن عبد الله الأنصاري هو أول من زار قبر الإمام الحسين عليه السلام؛ إنه جاء في الأربعين من شهادة الإمام الحسين من المدينة إلى كربلاء فزاره بتفصيل سيأتي في المقال التالي.

إن زيارة الإمام الحسين عليه السلام في أربعينيته تعد رمزا للشيعة الكرام. وقد اختلف العلماء في ما حدث في الأربعين من استشهاد الإمام الحسين عليه السلام. وتطرق العلامة المجلسي الى سبب احتمال استحباب زيارة الأربعين وذكر عدة احتمالات، أثبت بعضها ونفى أخرى، فقال:
سبب استحباب الزيارة الأربعينية الحسينية عليه السلام
اعلم أنه ليس في الأخبار علة استحباب زيارته صلوات الله عليه في هذا اليوم، والمشهور بين الأصحاب أن العلة في ذلك رجوع حرم الحسين صلوات الله عليه في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام، وإلحاق علي بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالأجساد. وقيل: في مثل ذلك اليوم رجعوا إلى المدينة. وكلاهما مستبعدان جدا، لأن الزمان لا يسع ذلك، كما يظهر من الأخبار والآثار، وكون ذلك في السنة الأخرى أيضا مستبعد. ولعل العلة في استحباب هذه الزيارة في هذا اليوم، هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره بالزيارة التي ذكرها السيد رضي الله عنه، فكان أول من زاره من الإنس ظاهرا، فلذلك يستحب التأسي به.[1]
أول من زار الحسين عليه السلام
وتفصيل ذلك أنه روي عن عطية العوفي قال: خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله زائرين قبر الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فلما وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار، وارتدى بآخر، ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على بدنه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله حتى إذا دنا من القبر قال: ألمسنيه فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء فأفاق.
ثم قال: يا حسين - ثلاثا - ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه، ثم قال: وأنى لك بالجواب، وقد شحطت أوداجك على أثباجك[2] وفرق بين بدنك ورأسك فأشهد أنك ابن النبيين وابن سيد المؤمنين، وابن حليف التقوى، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الايمان، وفطمت بالاسلام، فطبت حيا وطبت ميتا غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ولا شاكة في الخيرة لك فعليك سلام الله ورضوانه وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيها الأرواح التي حلت بفناء الحسين، وأناخت برحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين والذي بعث محمدا بالحق لقد شاركنا كم فيما دخلتم فيه.
قال عطية: فقلت لجابر: وكيف ولم نهبط واديا، ولم نعل جبلا، ولم نضرب بسيف، والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم، وأوتمت أولادهم وأرملت الأزواج؟ فقال لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحب قوما حشر معهم، ومن أحب عمل القوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه، خذوا بي نحو أبيات كوفان، فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي: يا عطية هل أوصيك؟ وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملاقيك، أحب محب آل محمد ما أحبهم، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإن كان صواما قواما، وارفق بمحب آل محمد فإنه إن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم، ثبتت لهم أخرى بمحبتهم، فان محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم يعود إلى النار.[3]
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.[4]
المصادر:
[1] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج9، ص 301.
[2] . جمع ثبج وهو ما بين الكاهل إلى الظهر.
[3] . بحار الأنوار، ج65، ص130.
[4] . آل عمران، ص193.