الخلف على خطى انحرافات السلف

08:01 - 2023/09/07

اعتقد الخلف أمورا ومسائل لا يقبل بها الشرع، مثل قولهم: إن عمل السلف حجة، وإن عصر الصحابة والتابعين هو العصر الذي تنعقد فيه الإجماعات، وتصير حجة، وتشريعاً متّبعاً، كما أكّدوا إظهار السرور يوم عاشوراء، واستحباب الترحم على يزيد.

الدفاع عن يزيد : ادعى الخلف أن الإجماع معصوم ويُعد نبوّة بعد نبوّة،[1] خلافا لنص القرآن الكريم "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ "[2]

فإذا كان يجوز عند هؤلاء أن يُطرح القرآن، وكل ما قاله النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، لمجرد أنه انعقد الإجماع بعد عصر النبي على خلافهما، مع التصريح بأن الأمة معصومة.[3]

جاز أن يقال لهؤلاء: لقد سُبَّ أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر في جميع أقطار العالم الإسلامي، من قبل وعّاظ السلاطين، طيلة عشرات السنين، وشارك في ذلك العديد بل العشرات من الصحابة، فهل تجوِّزون العودة إلى سبه، وهل تعتبرون ذلك شريعة مرضية لله ولرسوله؟!

كما أن لازم ذلك جواز ما قام به بنو أمية وكلّ أتباعهم لمدة عشرات السنين، من اتخاذ يوم عاشوراء عيداً، وأوّل من فعل ذلك الحجاج، برضا وبمرأى ومسمع من الخليفة عبد الملك بن مروان، وبمرأى ومسمع من بقايا الصحابة، وجميع التابعين، ولم نجد اعتراضاً من أحدٍ منهم، ولا من أيّ من علماء الأمة وصلحائها.

بل نجدهم يؤكدون لزوم السرور في هذا اليوم بما يروونه من حوادث عظيمة، اتفق وقوعها فيه من قبيل: توبة الله فيه على آدم، واستواء السفينة على الجودي، وإنجاء النبي إبراهيم عليه السلام من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك.[4]

يزيد

الخلف يترحم على يزيد

ولم يكتفوا بهذا بل تعدّوا ذلك إلى الإفتاء بحرمة لعن يزيد، وعدم جواز تكفيره، وقالوا: إنّه من جملة المؤمنين،[5] بل لقد قال ابن الصلاح: " وأما سب يزيد ولعنه، فليس ذلك من شأن المؤمنين، وإن صح أنه قتله أو أمر بقتله "[6]

وقال عبد الغني سرور المقدسي: " إنما يمنع من التعرض للوقوع فيه، خوفاً من التسلق إلى أبيه، وسدًا لباب الفتنة.[7] وقال الشبراوي الشافعي عن الغزالي وابن العربي: " فإنّ كلاهما قد بالغ في تحريم سبّه ولعنه، لكن كلاهما مردود "[8]

ثم زاد هؤلاء في الطنبور نغمة، ستراً على جرائم يزيد فقالوا:" يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكاياته". قال ذلك الغزالي وغيره.[9]

فهؤلاء الخلف السائرون على خطى السلف، صدرت منهم مثل هذه المواقف وأكثر، فهم يستحبون الترحم على يزيد، قالوا :" وأما الترحم عليه - أي على يزيد - فجائز، بل مستحب، وهو داخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمناً".[10]

المصادر:

[1] . المنتظم، ابن الجوزي، ج 9، ص 210.

[2] . سورة الأحزاب، الآية 40.

[3] . علوم الحديث، ابن الصلاح، ص 24.

[4] . الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي، ج 2، ص 535.

[5] . إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ج 3، ص 125.

[6] . الصواعق المحرقة، ج 2، ص 639.

[7] . قيد الشريد، محمد بن طولون، ص 70.

[8] . الإتحاف بحب الأشراف، جمال الدين الشبراوي، ص 68.

[9] . الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي، ج 2، ص 640.

[10] . إحياء العلوم، أبو حامد الغزالي، ج 3، ص 126.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
6 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.