حاولوا خلق فضائل وهمية لأبي بكر في كل مناسبة يجدونها، فروّجوا فضيلة له بمناسبة ليلة المبيت وهجرة النبي صلى الله عليه وآله.

خلق فضيلة لأبي بكر: إن النبي صلى الله عليه وآله بعد بياته في الغار، ويأس المشركين من العثور عليه، احتاج الى راحلة يرتحل عليها نحو المدينة، وبهذه المناسبة قالوا:
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر أنه يرجو أن يؤذن له بالهجرة، وذلك بعدما بدأ المسلمون بالهجرة إلى المدينة، لكن أبابكر حبس نفسه على رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه عرف نية النبي صلى الله عليه وآله بالهجرة، لذا اشترى راحلتين بثمانمائة درهم، وعلفهما أربعة أشهر،[1] أو ستة أشهر،[2] على اختلاف النقل.
ولما أراد النبي صلى الله عليه وآله الهجرة، عرض أبو بكر الراحلتين على الرسول صلى الله عليه وآله، فأبى أن يقبلهما إلا بثمن. لكن يبدو إشكال في صحة الرواية وذلك لما يلي:
إن علفه للراحلتين أربعة أشهر أو ستة غير معقول، لأن النبي صلى الله عليه وآله قد أمر أصحابه بالهجرة قبل هجرته هو صلى الله عليه وآله بثلاثة أشهر فقط، وقيل بل بشهرين ونصف.[3] أو بشهرين وليال.[4]
وبناءً على الاحتمال الأخير، فكيف يكون أبو بكر قد علف الراحلتين أربعة، أو ستة أشهر، بعد أمره صلى الله عليه وآله لأصحابه بالهجرة؟!.
تخيل علم أبي بكر بنية النبي
وأما تخيل أن يكون أبو بكر قد عرف بنية النبي صلى الله عليه وآله قبل أن يصدر منه صلى الله عليه وآله الأمر بالهجرة فليس له ما يؤيده لا من عقل ولا من نقل.
هذا، مع وجود نص يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد اشترى للنبي صلى الله عليه وآله ثلاثاً من الإبل، واستأجر الأريقط بن عبد الله، وأرسل الإبل معه إلى النبي صلى الله عليه وآله ليلة الخروج من الغار،[5] فلعله اشترى الإبل من أبي بكر وأرسلها إلى النبي صلى الله عليه وآله مع الأريقط.
والحقيقة المقصودة وراء خلق فضيلة لأبي بكر، هي أنهم لما رأوا أنه صلى الله عليه وآله لم يقبل الراحلتين من أبي بكر إلا بالثمن، ورأوا في ذلك تضعيفاً للخليفة الأول، وفي مقابل ذلك يرون أن علياً يبذل نفسه في سبيل الله، وتنزل في حقه الآيات، لذا عّوضوا أبا بكر عن ذلك بأنه قد علف الراحلتين هذه المدة الطويلة.
المصادر:
[1] . الثقات لابن حبان، ج 1، ص 117.
[2] . كنز العمال، المتقي الهندي، ج 8، ص 334.
[3] . فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج 7، ص 183 و 177.
[4] . الثقات لابن حبان، ج 1، ص 113.
[5] . ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي، ج 1، ص 138.