التبرك في التاريخ (1)

01:57 - 2016/01/27

الملخص:هل للتبرك بمفهومه الاصطلاحي واقع تاريخي بين الاُمم المتشرعة، بحيث نكتشف في سيرهم وأخبارهم هذاالنوع من السلوك،يتعارفونه ويتداولونه على أنه سلوك مشروع؟ نتابع الإجابة عن هذا التساؤل في مرحلتين رئيسيتين، تختص الاُولى بتاريخ الاٌمم السالفة، وتتناول الثانية ،  التبرك في السلوك المسلمين وفي معارفهم منذ عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله.

التبرك

هل للتبرك بمفهومه الاصطلاحي واقع تاريخي بين الاُمم المتشرعة، بحيث نكتشف في سيرهم وأخبارهم هذاالنوع من السلوك،يتعارفونه ويتداولونه على أنه سلوك مشروع؟ نتابع الإجابة عن هذا التساؤل في مرحلتين رئيسيتين، تختص الاُولى بتاريخ الاٌمم السالفة، وتتناول الثانية ، وهي أكثر تفصيلاً، التبرك في السلوك المسلمين وفي معارفهم منذ عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله و تباعاً في العهود القريبة منه.1ـ التبرك عند الاُمم السالفة ـ إن ظاهرة التبرك بآثار الأنبياء معروفة حتى عندالاُمم التي سبقت الإسلام ، والتي تتضمن التبرك بثياب اولئك الأنبياء وبقاياهم ،فمن أمثلة التبرك عند الاُمم السابقة . تبرك النبي يعقوب عليه السلام بقميص ابنه النبي يوسف عليه السلام ، قال تعالى : ( إذهبوا بقميصي هذا فألقوا على وجه أبي يأتِ بصيراً).[1] وقد امتثل إخوة يوسف لأمره، فجاوؤا بقميصه وألقوه على وجوه أبيه الذي كان قد فقد بصره حزناً على فراق ولده يوسف، فجعل الله تعالى قميص يوسف سبباً لارتداد بصرأبيه يعقوب عليه السلام ، فكان ذلك من قدرة الله تعالى وبركة ذلك من قدرة أن يرد بصر يعقوب عليه السلام دون حاجة الى إلقاء ذلك القميص على وجهه، ولكن لله تعالى حكمة في جعل بعض الأشياء المباركة سبباً لتحقق الغاية ، ولاشك أن ذلك مرده الى أن يجعل ذلك سنة يقتدي بها الأنام فيعرفوا أن هناك أشياء وأمكنة وأزمنة أشخاصاً لها مقامات عندالله تعالى، فجعل فيها بركة تتيح لها شفاء المرضى أواستجابة الدعاء أو الشفاعة لغفران الذنوب،ونحوذلك. قال الزمخشري : قيل،هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف، وكان من الجنة ،اُمرجبرئيل عليه السلام أن يرسل إليه فإن فيه ريح الجنة ، لايقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي.[2]

ومن أمثلته أيضاً : تبرك بني اسرائيل بالتابوت الذي فيه آثار آل موسى وآل هارون،وهو الذي ذكره الله تعالى في قوله حكايةً عن نبي بني إسرائيل الذي بشرهم بطالوت ملكاً : ( إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه  سكينةً من ربكم وبقية مماترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة).[3] وكان هو التابوت الذي أنزله الله على موسى فوضعته فيه اُمه وألقته في اليم، وكان في بني إسرائيل معظماً يتبركون به، فلما حضرت موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشعاً وصية ، فلم يزل التابوت بينهم حتى استحفضوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وترف مادام التابوت رفعه الله عنهم ، فلما سألوا نبيهم ، بعث الله طالوت عليهم ملكاً يقاتل معهم فردّ الله عليهم التابوت. قال الزمخشري: التابوت صندوق التوراة، وكان موسى إذا قاتل قدّمه فكانت تسكن نفوس بني اسرائيل ولا يفترون...وقوله: ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) هي رضاض الألواح وعصا موسى وثيابه وشيء من التوراة .[4] فنجد بني اسرائيل بأمر من نبيهم يحتفظون بما ترك موسى وهارون ، وتسكن إليه نفوسهم لما أخبرهم به من البركة التي اختصّها الله به لكونها من آثارأنبيائهم، حتى إذا استخفوا بهذه الآثار المباركة عاقبهم الله وحرمهم من بركتها، ممّا يدل على قدسية هذه الآثار وحلول البركة فيها بإذن الله.

[1] ـ يوسف:93.
[2] ـ الكشاف2: 503.
[3] ـ البقرة: 248.
[4] ـ الكشاف1: 293.

المصدرالأصلي: في رحاب أهل البيت عليه السلام35: 21ـ18

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 11 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.