ظاهرة التكفير (1)

10:35 - 2016/02/18

الملخص: في البداية علينا القول بجملة واحدة ان مذهب التكفير هو مذهب ورؤية تخالف العقل والنصوص الشريفة بل وتخالف صريح القرآن الكريم، وعلى علماء المسلمين وقادتهم اجتثاث أصول هذا المذهب من جذوره، واقتلاع كل ألوان هذا الفكر الضال من قواعده، عبر المنطق الصحيح والفكر الهادف، وعليهم أن يحاولو جادّين ثني الشباب المسلم عن الانجرار وراء هذا المذهب المنحرف ومنعهم من الانقياد اليه.

التكفير، داعش، الوهابية

عند استعراض التاريخ وقراءة مقاطعه الزمنية المختلفة نلاحظ ان الوهابية المتعصبة ذات الفكر المتشدد كانت تكفّر جميع المسلمين وتعتبر الكل مشركين عدا اتباعها والمروجين لمذهبها.
ان هذه الظاهرة التي تبلورت عن الجهل وغياب المعرفة وتـأسست على ضوء الفهم الخاطئ لمفاهيم التكفير المتعلقة ببعض المفاهيم الإسلامية من قبيل التوحيد والشرك والشفاعة والعبادة ونحوها، أدت الى إراقة دماء غزيرة اثقلت جسد الامة المسلمة وكاهلها.
ولا ريب ان الجمود في الفكر والمعرفة والشدة والتعصب في اللهجة والخطاب والغلظة في السلوك والعمل هي من ابرز المزايا والخصائص التي تتميز بها ظاهرة التكفير.
من هنا لم يكن هروب المروّجين والداعين للفكر الوهابي والداعمين لظاهرة التكفير عن البحث المنطقي والمنهج العقلي هو المشكلة فحسب، بل انهم بعدما خلقوا جواً من الغلظة والخشونة فانهم في نفس الوقت جعلوا الناس في جميع ارجاء المعمورة يشمئزون وينفرون منهم، عندما قدّموا صورة مشوّهة عن الإسلام، والتي لابد اذا ما اريد إزالة ذلك التشويه عنها الاستغراق في التصحيح وتنقية الفهم لسنوات.

مفهوم التكفير
يمكن ان يقال ان التكفير بمعناه الساذج البسيط هو جعل شخص ما كافراً، وهو أحد الاحكام الشرعية التي لابد من ضبطها وتحديد معاييرها من قبل الله ورسوله.
من هنا فلابد أن يكون الحكم بتكفير أي شخص صادراً من الله ورسوله.
وعليه لا يجوز التكفير الا بعد وضوح الدليل من الكتاب والسنة والبرهنة على تكفير المرء من خلالهما، ولا يكفي في ذلك اطلاقاً الظن أو الاحتمال؛ وذلك لترتب احكام شديدة وصارمة اذا ما ثبت الحكم بالتكفير.
لذا فان النبي الاكرم محمد(صلى الله عليه وآله) كان يحذّر دائماً من تكفير شخص أو تفسيقه إن لم يكن كذلك في الواقع.

ضرورة الكفاح العلمي ضد فتنة التكفير
من المُسلّم اننا وقبل البدأ بمواجهة الفكر التكفيري لابد من طرح السؤال التالي: من أين يستمد مذهب التكفير والنهج المتطرف قوته وحضوره وما هي مصادره التي يتغذّى منها وما هي تلك المصادر التي تجعله مطلق العنان ليحدث كل هذه الفوضى ويخلق كل هذا الاضطراب في العالم لا سيما العالم الإسلامي؟.
وماهي الأهداف التي تكمن وراء فتنة التكفير في الواقع؟ وما هي العوامل المؤثّرة في ترويجها وانتشارها؟، وبعد رصد تلك العوامل وتشخيصها بدقة هل هناك سبل وطرق معينة تستأصل هذا المذهب وما هي الخطوات اللازمة للوصول الى اقتلاع هذا الفكر اللقيط المنحرف؟
دون شك فان كل واحدة من هذه التساؤلات جديرة بالعناية والتحرّي، ومن المؤكد ان المعالجات العسكرية والسياسية مهما كانت جادة وحقيقية لا تكفي وحدها لاحتواء هذه الغدة الخبيثة ومن ثم استئصال.

جهل المذهب التكفيري بالتعاليم القرآنية
عند استعراض طبيعة ظاهرة التكفير المشؤومة علينا ان نستذكر أمراً مهماً وهو ان خطر هذا الظاهرة تكمن في استلهام الفكر المنحرف واقتباس الآراء الشاذة والضالة وذلك يعدّ أمراً أكثر خطورة في صيرورة وتبلور هذه الفتنة الكبرى، والتي بررت وجود أنظمة ومجاميع إرهابية قاتلة من قبيل داعش وامثالها. الا ان أول قاعدة وأصل تشكلّت على أساسه هذه الأفكار والروؤى الخطرة هو الجهل وعدم الفهم الصحيح للكتاب والسنة، حيث فهم المنظّرون والمروّجون له من الآيات القرآنية أموراً تتعلق بالتوحيد والشفاعة والتوسل والبدعة ونحوها بشكل معكوس وخاطئ أدى الى تعزيز حضور هذه الظاهرة المشؤومة في العالم الإسلامي.

انحراف التكفيريين الكبير في تفسير وبيان حدود الشرك والايمان
إن من جملة الأمور الأساسية والمهمة في المذهب التكفيري والنهج المتطرف هي تلك القضايا والأمور المتعلقة بالكفر والايمان، حيث سلك التكفيريون الطريق الخطأ في فهم بعض الأمور واتبعوا سبلاً غريبة في تفسير التعاليم الدينية وبالتالي أخرجت الانسان عن ربقة الإسلام ومحيطه الإسلامي، حتى اعتبروا كل من يخالفهم كافر وخارج عن الملّة والدين، على نحو أصبح كلّ المسلمين كفرة عدا فئة قليلة منهم.
لقد استند هؤلاء الى بعض الآيات القرآنية لتكفير طائفة واسعة من المسلمين، وقالوا ان كل شخص يقول يا علي او يا رسول الله ويطلب بذلك العون والشفاعة والمساعدة سيستحيل الى مشرك، من هنا يكون دمه وعرضه مباح، ثمّ ان القائلين بالتكفير لا يفرقون بين المشركين في العصر الجاهلي وبين المشركين ـ حسب وصفهم ـ في زماننا هذا، بل يعتبرون ان الناس في هذا العصر أخسّ وأدنى من المشركين في زمن الجاهلية، في حين ان مفهوم الشرك والايمان واضح وجليّ في الآيات القرآنية.
وفي بيان هذه المسألة يمكن الإشارة أيضاً الى قصة النبي عيسى(عليه السلام) حيث نسب الله تعالى اليه ابراء الأكمه والأبرص واحياء الموتى وخلق الطير من الطين ونفخ الروح فيها بالإضافة الى الاخبار عن الغيبيات بإذنه سبحانه، فهل يعتبر ما فعله النبي عيسى شرك بالله في الواقع؟!
وحتى مفهوم التبرك برسول الله(صلى الله عليه وآله) وبعض بقاياه وآثاره الذي لا علاقة له اطلاقاً بمفهوم الشرك والكفر بالله؛ حيث ان هنالك نصوص وحكايات كثيرة في هذا المحال بالإضافة الى ما صدر من اقوال العلماء على جواز التبرك بتقبيل يد النبي والاستشفاء بالماء الذي تبقّى في اناءه، والتبرك ببيته ومنبره وقبره الشريف، مضافاً الى ما ورد من جواز التبرك بآثار وقبور الصالحين والاولياء، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في عدم دخول مثل هذه السلوكيات والطقوس في موضوع الشرك اطلاقا.

المصدر: http://makarem.ir/main.aspx?typeinfo=4&lid=2&mid=390772&catid=6423

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
11 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.