الملخص: و إخراج الثمرات مدعاة للشكر على رحمة رب العالمين لعباده، و مدعاة للإذعان بقدرة ربّ العالمين في إخراج ثمر مختلف ألوانه، من ماء عديم اللون، ليكون قوتا للإنسان و الحيوان، لذلك عطف عليها قوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
بعد ذلك تطرقت الآية (البقرة، 22) الى نعمة المطر: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً ... ماء يحيي الأرض و يخرج منها الثمرات.
عبارة وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً تؤكد مرّة اخرى أن المقصود من «السماء» هنا هو جوّ الأرض، لأننا نعلم أن المطر ينزل من الغيوم، و الغيوم بخار متناثر في جوّ الأرض.
الإمام علي بن الحسين عليه السّلام يتحدث عن نزول المطر في تفسير هذه الآية فيقول: «ينزله من أعلى ليبلغ قلل جبالكم و تلالكم و هضابكم و أوهادكم، ثمّ فرّقه رذاذا و وابلا و هطلا لتنشفه أرضوكم، و لم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم و أشجاركم و زرعكم و ثماركم» «1».
ثم تشير الآية إلى نعمة الثمرات التي تخرج من بركة الأمطار لتكون رزقا لبني البشر فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ.
و إخراج الثمرات مدعاة للشكر على رحمة رب العالمين لعباده، و مدعاة للإذعان بقدرة ربّ العالمين في إخراج ثمر مختلف ألوانه، من ماء عديم اللون، ليكون قوتا للإنسان و الحيوان، لذلك عطف عليها قوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
فهذه الأنداد المفتعلة و ما تعبدون من دون اللّه، لم يخلقوكم و لا خلقوا آباءكم، و لا خلقوا ما ترونه حولكم من مظاهر كونية و نعم موفورة.
و «الأنداد» جمع «ند» على وزن ضدّ، و هو الشبيه و الشريك، و واضح أن هذا الشبه قائم في أذهان المشركين و ليس أمرا واقعيا.
و بعبارة أدق: ندّ الشيء و نديده- كما يقول الراغب في المفردات- مشاركة في جوهره، و ذلك ضرب من المماثلة، أي المماثلة في جوهر الذات.
1- تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 41.
المصدر: «الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل»، مکارم شیرازی، ناصر، قم، الطبعة الاولى، 1421ق، ج1، ص: 117.