التلخيص: أبوطالب عم النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان حاميا لرسول الله في مقابل الهجمات الجاهلية و مدافعا عنه حتى آخر عمره الشريف كما أنه أب الإمام علي أميرالمؤمنين عليه السلام لكنه تعرض لهجمات من قبل ورثة الجاهلية الأولى و أعوانهم إلى أن نسبوا إليه الكفر.
لو أن معشار الأدلة التي تدل علی إیمان أبي طالب، کانت توجد في حق شخص آخر لحصل الإتفاق و الإجماع علی إیمانه عند الشیعة و أهل السنة. ولکن مع وجود کل هذه الأدلة في حق أبي طالب علیه السلام، نری بعض الظالمین یدّعون کفره و عدم إسلامه.
کما أننا نری في المقابل بعض علماء أهل السنة تحکم بإیمانه و إسلامه؛ منهم زیني دحلان، مفتي مکة المکرمة (توفي عام 1304ه) حیث یقول: الإنصاف هو أنه لیس هناك هدف من الکلام حول إیمان أبي طالب إلا الطعن في ولده و بالأخص أمیرالمؤمنین.
نذکر بإختصار هنا بعض أدلة إیمان أبي طالب:
بإحدی الطرق الثلاثة التالیة یمکن الکشف عن حقیقة معتقد کل إنسان:
البحث في آثاره العلمیة و الأدبیة.
طریقة سلوکه و تصرفه في المجتمع.
وجهة نظر أصدقائه و أقاربه و الکبار المنصفین حوله.
الطریق الأول: البحث في آثاره العلمیة و الأدبیة :
نذکر هنا أبیاتاَ من بعض قصائده الطویلة:
ليَعْلَم خِيارُ الناسِ أنَّ مُحَمَّداً نبيٌّ كَموُسى و المسيحِ بن مريَم
أتانا بهُدى مثلَ ما أتَيَا بِهِ فكلٌّ بأمرِ اللَّهِ يَهدِي و يعصم [1]
تمنّيتم إن تقتلوه و إنّما أمانيّكم هذي كأحلام نائم
نبىّ أتاه الوحي من عند ربّه و من قال لا، يقرع بها سن نادم [2]
ألم تَعلموا أنّا وجدنا محمّداً رسولًا كموسى خُطّ في أوّل الكتب [3]
يا شاهد اللَّه عليّ فاشهد إنّي على دين النبيّ أحمد [4]
إبن أبي الحدید:
هذه الأشعار لیست متواترة في اللفظ ولکنها متواترة في المعنی و کلها تشترك في أمر واحد و هو تصدیق أبي طالب بنبوة النبي صلی الله علیه و آله [5]
الطریق الثاني: طریقة سلوکه و تصرفه في المجتمع
أبوطالب علیه السلام هو الذي دعی حاکم الحبشة إلی الإسلام و قال له في شعر:
أتعلم ملك الحبش أنّ محمّداً نبياً كموسى و المسيح بن مريم
هو الذي دعی زوجته فاطمة بنت أسد إلی الإسلام. [6]
عند موته أوصی أولاده بهذه الوصیة:
إني أوصیکم بحمایة محمد و إتباعه لأنه أمین قریش و صدیق العرب ... إلی أن قال: یا أقربائي کونوا من أصدقاء و حماة حزبه، (الإسلام)، السعید من إتبعه. لو أمهلني الأجل لدفعت عنه حوادث و صعوبات الدهر. [7]
الطریق الثالث: وجهة نظر أصدقاءه و أقاربه و الکبار المنصفین حوله
عندما أخبر علي علیه السلام الرسول صلی الله علیه و آله بموته، بکی کثیرا و أمر أمیرالمؤمنین بغسله و کفنه و دفنه و طلب من الله له الغفران.[8]
نعلم أن الترحم لا یجوز إلا علی المسلم لذا قال النبي صلی الله علیه و آله لسفانة بنت حاتم الطائي: لو کان أبوك مسلما لسألت الله له بالغفران. [9]
الإمام الباقر علیه السلام: یُرجح إیمان أبي طالب علی إیمان الکثیر من الناس و کان أمیرالمؤمنین یأمر بالحج بدلا منه. [10]
إبن أبي الحدید المعتزلي: روي بأسانید مختلفة؛ بعضها من عباس بن عبدالمطلب و بعضها من أبوبکر بن أبي قحافة، أن أباطالب لم یمت إلا أن قال لا إله إلا الله، محمد رسول الله. [11]
سئل الإمام السجاد علیه السلام عن إیمان أبي طالب فقال: یاللعجب لقد نهی الله رسوله من أن تکون إمرأة مسلمة، زوجة لرجل کافر، فاطمة بنت أسد من النساء السابقات إلی الإسلام و مع هذا کان أبوطالب زوجها حتی آخر عمره. [12]
[1] مستدرك الحاكم، ج 2، ص 623؛ مجمع البيان، ج 7، ص 37
[2] سيرة إبن هشام، ج 1، ص 373؛ ديوان أبي طالب عليه السلام، ص 32
[3] سيرة إبن هشام، ج 1، ص 373
[4] شرح إبن أبي الحديد، ج 14، ص 74
[5] شرح إبن أبي الحديد، ج 14، ص 78
[6] إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 13، ص 272
[7] سيرة الحلبي، ج 1، ص 390؛ تاريخ الخميس، ج 1، ص 339
[8] شرح إبن أبي الحديد، ج 14، ص 76
[9] سيرة الحلبى، ج 3، ص 205
[10] سيرة الحلبى، ج 3، ص 205
[11] شرح إبن أبي الحديد، ج 14، ص 71؛ البداية والنهاية، ج 3، ص 123؛ سيرة إبن هشام، ج 2، ص 87
[12] شرح إبن أبي الحديد، ج 14، ص 68؛ الغدير، ج 7، ص 381
المصدر:
شيعه شناسى و پاسخ به شبهات(التعرف على الشيعة و أجوبة على الشبهات)، علی اصغر رضوانی، ج1، ص 684