فلسفة غيبة الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف

09:38 - 2016/05/19

الملخص:

إن لغيبة الإمام المنتظر عليه السلام، عللا و أسبابا و حِكَما؛ و هي في علم الله تعالى. و ليس بوسعنا التوصل إليها، إلا أن البعض منها قد جاء بيانه في كلمات الأئمة عليهم آلاف التحية والثناء.

فلسفة غيبة الإمام المنتظر، إمام الزمان

نحن نؤمن أن الله تبارك و تعالى، لا يقوم بفعل صغير ولا كبير إلاّ و له حكمة و مصلحة. سواء علمنا بتلك الحكمة و المصلحة أم لم نحط بها خبرا.

و أيضا نؤمن بأن كل الحوادث الواقعة في العالم، سواء الصغيرة منها أم الكبيرة، كلها بتدبير الهي و بإرادة فوق إرادة المخلوقات. و من هذه الحوادث، حادثة غيبة الإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه و سهل مخرجه.

إذن تلخص أن غيبة الإمام الحجة المنتطر، عن حكمة و مصلحة إلهية و بتدبير إلهي.

أمّا أنه ما هي تلك الحكمة و المصلحة الإلهية التي إقتضت غيبة حجة الله في أرضه و بهذه المدة الطويلة، فهذا مما لا يتوصل إليه العقل البشري و إنما علمه عند الله؛ و يعلم به أولياءه و حججه بإخبار منه تعالى إسمه.

عن جعفر بن محمد الصادق علیه السلام:‏ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً لَا بُدَّ مِنْهَا. يَرْتَابُ فِيهَا كُلُّ مُبْطِلٍ. فَقُلْتُ وَ لِمَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ لِأَمْرٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا فِي كَشْفِهِ لَكُمْ‏. قُلْتُ فَمَا وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ؟ قَالَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَاتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، إِنَّ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ لَا يَنْكَشِفُ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ ... إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ سِرٌّ مِنْ سِرِّ اللَّهِ وَ غَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللَّهِ وَ مَتَى عَلِمْنَا أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَكِيمٌ صَدَّقْنَا بِأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا حِكْمَةٌ وَ إِنْ كَانَ وَجْهُهَا غَيْرَ مُنْكَشِف‏. [1]

و مع هذا فإنا عندما نراجع الروايات الصادرة عن أهل بيت الوحي عليهم السلام، نرى أن بعضا من الحِكم المستورة في أمر الغيبة و أسبابها، مبينة و متضحة. و ربما يمكن القول بأن الحكمة التي لم يؤذن لهم بالكشف عنها، إنما هي الحكمة الأساسية و الرئيسية، و أما الأسباب و الحِكم المذكورة في كلماتهم عليهم السلام إنما هي أسباب مُعدّة، و قد ذكروها لنا من أجل الجانب التربوي فيها.

بعد ما إتضح هذا الأمر للقارئ المحترم، فإنا نذكر هنا بعضا من هذه الأسباب و الحِكم:

 

الحكمة الأولى هي تأديب الناس؛ و ذلك من أجل أنهم قد خالفوا الحجج الإلهية الأخرى من قبل، لذا جرت حكمة الله الحكيم على أن يغيب عن أنظارهم آخر الحجج، لكى يزدادوا معرفة و يتفهموا شأنه و قدره.

عن أبى جعفر الباقر عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ إِذَا كَرِهَ لَنَا جِوَارَ قَوْمٍ، نَزَعَنَا مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِم‏. [2]

 

الحكمة الثانية و هي أن لا تكون على ذمته، بيعة لأى شخص، سواء كان حاكما عادلا أم كان حاكم جور.

عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: ... لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْف‏. [3]

 

الحكمة الثالثة هي إمتحان الناس حتى يتبين ميزان إيمانهم.

عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَدْيَانِكُمْ، لَا يُزِيلَنَّكُمْ عَنْهَا أَحَدٌ. يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ؛ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ. إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ امْتَحَنَ بِهَا خَلْقَهُ‏. [4]

 

الحکمة الرابعة و هي الحفاظ على حياة الإمام عليه السلام.

عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام:‏ لِلْقَائِمِ غَيْبَةٌ قَبْلَ قِيَامِهِ. قُلْتُ:‏ وَ لِمَ؟ قَالَ: يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الذَّبْح‏. [5]

 

المصدر ( مع دخل و تصرف ): محمد مهدي حائري بور و زملائه، نگين آفرينش ( دُرّ الخلقة )، شريعت، قم، 1387

 

[1] إبن بابويه، كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص482

[2] علل الشرائع، ج‏1، ص244

[3] إبن بابويه، كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص480

[4] الطوسي، كتاب الغيبة للحجة، ص 337

[5] إبن بابويه، كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص481

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
10 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.