الملخص:
ترجمة مقالة «دشمنان تقوا» أعداء التقوى
الكاتب: م. رفيعي
العنوان:
أعداء التقوى
التقوى هي مِلاك أفضلية بعض الناس بالنسبة إلى البعض الآخر من وجهة نظر القرآن الكريم:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ [1]
التقوى ملكة نفسانية تمنع الإنسان من الوقوع في المعاصي؛ و للتقوى درجات مختلفة.
التعرّف على موانع الطريق يُعد الخطوة الأولى لتحقق الهدف في تنفيذ أي عمل أو مشروع، و من أجل السير في طريق تقوى النفس، يجب التعرّف على أعداء هذا الطريق بشكل جيد؛ و أن نحدث في أنفسنا مهارة طريقة مقابلة هذه الموانع و كيفية الوصول إلى شاطئ الأمان من أخطارها. كي نخطو بسلامة في طريق التقوى الإلهية.
إن لتجنب المعاصي عدوين إثنين؛ الشيطان و النفس الأمارة؛ نتكلم حولهما في ما يلي.
عداوة الشيطان للإنسان
من باب أن إمتناع الشيطان من السجود للإنسان، سبب إخراجه من الجنة، فإن حقده و ضغينته بعثته إلى أن يقسم بأن يضل الإنسان هكذا:
قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعين [2]
إذن؛ أول عدو للهداية و لتقوى الإنسان، هو إبليس. طبعا لا يمكنه المداخلة بصورة عملية و بشكل مباشر في أعمال الإنسان؛ بل يحثّ الإنسان إلى الذنوب و الإنحراف عن الصراط بوسوسته و بتحريك النفس الأمارة.
القرآن الكريم بالنسبة إلى أوّل و أهم الأخطار الإعتقادية، يحذر الإنسان من الشيطان الرجيم:
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعير [3]
إذا؛ المسألة الأولى التي يجب الإنتباه إليها لدفع وساوس الشيطان هي أنه لدينا عدو حقيقي و خبير و مجرب في طريق الوصول إلى السعادة. إنه عدو واقعي بالفعل. إنه عدو لفرد فرد من البشر.
تجربة الشيطان
مع لحاظ عمر الشيطان الطويل و تجربته الكبيرة في إغواء الناس، يجب أن نعلم بأنه يستخدم طرقا مختلفة و يستعمل أدواة متشتتة للوصول إلى هدفه. هذا الموضوع يُظهر لنا أهمية تدقيقنا لمعرفة طرقه من أجل مقابلة حِيَله الخبيثة. و لو أن معرفة طرق الشيطان، تحتاج على الأقل مقالة طويلة، ولكن نشير هنا بإختصار إلى بعض طرقه المذكورة في القرآن:
1.الإلقاء الخفي:
وَ إِنَّ الشَّياطينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُم [4]
2.الوسوسة:
الَّذي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ [5]
3.ترسيم الآمال الباطلة:
وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطان [6]
4.الهجوم من كل الأطراف:
ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرينَ [7]
للشيطان طرقا أخرى مذكورة في القرآن الكريم يمكن دراستها في مكان آخر.
النفس الأمارة
كل أنسان لديه عدو في نفسه يأمره بإرتكاب المعاصي و بالإنحراف عن طريق الحق؛ و لذا يسمى بالنفس الأمارة.
النفس الأمارة تُعد مُتحَدّ أساسي في طريق سعادة الإنسان. أصل خلقة هذه النفس من أجل ممارسة كَبتها؛ يعني بواسطة جهد الإنسان لمكافحة النفس الأمارة و ضبطها و ترجيح إرادة الله على المشتهيات النفسانية، يتكامل الإنسان و ينمو؛ و هذا هو معنى إمتحان الإنسان في الدنيا.
القرآن الكريم يقول عن هذه النفس في خلال قصة يوسف عليه السلام و من لسانه:
وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحيم [8]
الإمام علي عليه السلام يقول فيما يختص بشأن النفس الأمارة:
النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ الْمُسَوِّلَةُ تَتَمَلَّقُ تَمَلُّقَ الْمُنَافِقِ وَ تَتَصَنَّعُ بِشِيمَةِ الصَّدِيقِ الْمُوَافِقِ حَتَّى إِذَا خَدَعَتْ وَ تَمَكَّنَتْ تَسَلَّطَتْ تَسَلُّطَ الْعَدُوِّ وَ تَحَكَّمَتْ تَحَكُّمَ الْعُتُوِّ فَأَوْرَدَتْ مَوَارِدَ السَّوْء. [9]
النفس الأمارة، أساس الإنحراف؛ و الشيطان بواسطة وجود هذه النفس، يأمل بإغواء الإنسان.
في رواية أخرى يقول الإمام عليه السلام:
إِنَّ نَفْسَكَ قَدْ أَوْلَجَتْكَ شَرّاً وَ أَقْحَمَتْكَ غَيّاً وَ أَوْرَدَتْكَ الْمَهَالِكَ وَ أَوْعَرَتْ عَلَيْكَ الْمَسَالِك. [10]
ملاحظة
وجود النفس و الشيطان في دائرة تربية الإنسان، لازم؛ طبقا للقوانين الإلهية. لأن الإنسان بوجود مقاومته أمام الوساوس و المشتهيات النفسانية، يتمكن من التكامل يوما بعد يوم؛ و يجتاز مراتب التكامل و التقرب.
على الرغم من أن التبري و الإشمئزاز من الشيطان تعد من وظائفنا؛ و قطعا أن الشيطان، مغضوب عليه من قبل الله و ملعون من قبل الناس، ولكن الإصرار على مراقبة النفس يسبب أهليتها و يربيها تربية إلهية و يسوقها إلى العرفان و القرب الإلهي الحقيقي.
النتيجة
نحن البشر، لدينا عدو دائمي، يسمى النفس؛ و يتوجب علينا مراقبته و تربيته. فإننا لو كنا موفقين في تربية العدو الداخلي، لن يتمكن بعدها، العدو الخارجي و هو الشيطان الرجيم من فعل أي شيء. إن شاء الله.
المصادر
[1] الحجرات،13
[2] ص،82
[3] الفاطر،6
[4] الأنعام،121
[5] الناس،5
[6] الحج،52
[7] الأعراف،17
[8] یوسف،53
[9] عبدالواحد بن محمد التميمي، تصنيف غرر الحكم و درر الكلم ؛ ص234، ح 4683
[10] صبحي صالح، شرح نهج البلاغة، ص 390