وسائل التوصل إلى العفو و المغفرة الإلهية متعددة والمقال هذا تصدى لبيان ذلك.
إن التوبة و هي العودة عن الذنب تغسل جميع الذنوب و المعاصي حتى الشرك، و قد يشمل العفو الإلهي لمن لم يوفق للتوبة أيضا، يعني الذين يموتون قبل الندم من ذنوبهم، و بعد الندم و قبل جبران ما بدر منهم من الأعمال الطالحة بالأعمال الصالحة.
و توضيح ذلك: أنّه يستفاد من آيات عدة في القرآن الكريم أن وسائل التوصل إلى العفو و المغفرة الإلهية متعددة، و يمكن تلخيصها في خمسة أمور:
1- التوبة و العودة إلى اللّه تعالى، المقرونة بالندم على الذنوب السابقة، و العزم على الاجتناب عن الذنب و المعصية في المستقبل، و جبران و تلافي الأعمال الطالحة السالفة بالأعمال الصالحة و الآيات الدّالة على هذا المعنى كثيرة و من جملتها قوله سبحانه: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ [الشورى، 25].
2- الأعمال الصّالحة المهمّة جدّا و التي تسبب العفو عن الأعمال القبيحة كما يقول سبحانه: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود، 114].
3- الشّفاعة، كما في تفسير الآية (48) من سورة البقرة.
4- الاجتناب عن المعاصي الكبيرة الذي يوجب العفو عن المعاصي الصغيرة كما في الآيتين (31 و 32) من سورة البقرة.
5- العفو الإلهي الذي يشمل الأشخاص اللائقين له،قال الله سبحانه " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيما" [النساء، 48].
هذا و نكرر تذكيرنا بأن العفو الإلهي مشروط و مقيد بالمشيئة الإلهية، و لا يكون قضية مطلقة دون أي قيد أو شرط، بل تشمل هذه المشيئة و الإرادة خصوص الأشخاص الذين يثبتون بصورة عملية لياقتهم و صلاحيتهم لهذه الهبة الإلهية بنحو من الأنحاء.
و من هنا يتّضح لما ذا لا يكون الشرك ممّا يشمله العفو و الغفران الإلهي، فالسبب في ذلك هو: إنّ المشرك قد قطع صلته باللّه بصورة كاملة، و ارتكب ما يخالف كل الشرائع و الأديان و القوانين الطبيعية و النّواميس الكونية.