جلّ البارئ عن تبنّي الولد

16:57 - 2017/01/11

الملخص: كان هناك من يقول من مختلف صنوف المشركين و أهل الكتاب بأن الله قد تبنّى لنفسه ولدا و هذا المعتقد مخالف لما ثبت من أنه ليس بجسماني و فقير.

الله,توحيد,نفي الولد

هنالك فكرة خاطئة و تافهة تعتقد بها اليهود و النصارى و المشركون و هي علاقة اللّه (سبحانه و تعالى) ببعض مخلوقاته. فقد حكى لنا القرآن بقوله « وَ قَالُواْ اتخَّذَ اللَّهُ وَلَدًا»[1] أنّ اليهود يعتقدون أنّ عزيراً ابن اللّه، و أن النصارى يعتقدون أن المسيح ابن اللّه، كما أن المشركين يرون الملائكة بنات اللّه و لعل السرّ في هذه العقائد هو استغراقهم في صفات العظمة لهذه المخلوقات، من خلال ما لاحظوه من قيامهم ببعض الأعمال التي قد لا يستطيعها غيرهم، أو ما اعتقدوه فيهم من قدرتهم على الأشياء التي لا يقدر عليها الآخرون، مما أوحى إليهم بأنهم يمتازون على المخلوقات الأخرى، لأن فيهم سرّا ليس موجودا فيها، و لولا اعتقادهم بوحدانية اللّه في الوجود، لخيّل إليهم أنهم شركاء اللّه في الألوهية، و لكنهم وضعوهم في مرتبة قريبة منه بالمستوى الذي يجعلهم أقرب من غيرهم، و هل هناك قرابة أقرب من علاقة الإنسان بأولاده؟! إذا فلا بد أن يكونوا أبناء اللّه، ليكون ذلك مبرّرا لهذا الامتياز الذي منحهم إياه، و هكذا انطلقت هذه العقيدة في تاريخ هذه الشعوب في تعقيد فكري لدى البعض، و في سذاجة فكرية لدى البعض الآخر.[2]
لا شك في أن نسبة الولد إلى اللّه (سبحانه و تعالى)، هي دون شك وليدة بساطة فكرية، قائمة على أساس مقارنة كل شي‏ء بالوجود البشري المحدود.
الإنسان يحتاج إلى الولد لأسباب عديدة: فهو من جانب ذو عمر محدود يحتاج إلى توليد المثل لاستمرار نسله و من جهة اخرى هو ذو قوّة محدودة تضعف بالتدريج، و يحتاج لذلك -و خاصة في فترة الشيخوخة- إلى من يساعده في أعماله. و هو أيضا ينطوي على عواطف و حبّ للأنيس، و ذلك يتطلب وجود فرد أنيس في حياة الإنسان، و الولد يلبي هذه الحاجة.
واضح أن كل هذه الأمور لا يمكن أن تجد لها مفهوما بشأن اللّه (سبحانه و تعالى)، و هو خالق عالم الوجود و القادر على كلّ شي‏ء، و هو الأزلي الأبدي.[3] أضف إلى ذلك، أن الولد يستلزم العديد من المحاذير:
منها: ان التي تلد منه لا بد أن تكون من جنسه، ليمكن الاستيلاد، و اللّه لا جنس له و لا ند.
و منها: ان الولادة تستدعي المقاربة، و المقاربة تستدعي الجسمية، و اللّه ليس بجسم.
و منها: ان السبب الموجب للولد هو الاحتياج له، و المفروض ان اللّه غني عن العالمين.
و منها: ان الذي يلد لا بد أن يكون مولودا، و المفروض ان اللّه غير مولود.
و منها: ان كل ما في السموات و الأرض مخلوق و مملوك للّه، و المخلوق المملوك لا يكون ابنا للخالق المالك، و لا الخالق المالك أبا للمخلوق المملوك.[4]
فاتضح من جمیع ما ذکرنا أن الله (سبحانه و تعالى) منزه عن الإدعات الفارغة هذه و لا يعقل فيه أن يتبنى بعض المخلوقين ولدا لنفسه، فتعالى الله عما يقول الجهلة علوا كبيرا.

المصادر:
[1]. سورة البقرة: 2، الآية 116.
[2]. «تفسیر من وحي القرآن»، فضل الله، محمد حسين، بيروت، دار الملاك للطباعة و النشر، الطبعة الثانية، 1419 هـ، ج2، ص186.
[3]. «الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل»، مكارم الشيرازي، ناصر، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، الطبعة الاولى، 1421هـ، ج1، ص350.
[4]. «تفسیر الکاشف»، مغنية، محمد جواد، طهران، دار الكتب الاسلامية، الطبعة الاولى، 1424هـ، ج1، ص186.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 15 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.