من بين الشبهات التي أُثيرت حول واقعة كربلاء، قضية ضرب السيدة زينب عليها السلام رأسها بعمود المحمل في الكوفة. وقد اعترض البعض على هذه القصة قائلين إن هذا الفعل لا يليق بمقام السيدة زينب عليها السلام.
استند البعض لنفي ضرب السيدة زينب عليها السلام رأسها بعمود المحمل، إلى حديث الإمام الحسين عليه السلام الذي قال فيه: "فلا تشققن عليّ جيبًا ولا تخمشن وجهًا" مما يعني النهي عن تمزيق الثياب أو خدش الوجه.[1]
وللرد على هذه الشبهة، نستعرض ابتداءً النصوص الواردة في الكتب الروائية والتاريخية، ثم نناقش الاعتراضات العقلية.
فقد ذكر أبو مخنف في كتابه مقتل الحسين هذه الحادثة.[2]
وقال القندوزي في كتاب ينابيع المودة: فلما رأت زينب رأس أخيها قد أتوا بالرؤوس مقدما عليها نطحت جبهتها بمقدم الأقتاب فخرج الدم منها وجعلت تقول:
يا هلالا لما استتم كمالا غاله خسفه فأبدى غروبا
ما توهمت يا شقيق فؤادي كان هذا مقدرا مكتوبا.[3]
زينب وحرقة قلبها
ويقول العلامة المجلسي في أحد كتبه المعتبرة، منقولًا عن مسلم الجصاص: "فلما أُتي بالرؤوس وكان رأس الحسين عليه السلام أمامها، ورأت زينب رأس أخيها، ضربت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأشارت إليه بحرقة وجعلت تقول: يا هلالًا لما استتم كمالًا غاله خسفه فأبدى غروبًا."[4]
أيضاً العلامة المجلسي ذكر هذا الموضوع في كتاب العوالم.[5]
ويقول شيخ الشريعة الأصفهاني، - وهو من كبار العلماء والمراجع في النجف-: "باعتبار هذه الأخبار، يصحح الخبر المرسل الذي استبعده بعض العظماء من أن العقيلة زينب الكبرى لما رأت رأس الحسين وهو على رمح والريح تلعب به، ضربت جبينها بمقدم المحمل حتى سال الدم من تحت قناعها، ولا يوجد ما يستبعد ذلك إلا من جهة ظهور الجزع منها، وإيلام نفسها، والإيلام الذي لا يؤدي إلى الهلاك لا دليل على عدم جوازه، والجزع مندوب إليه ومرغوب فيه في كثير من الأخبار."[6]
المصادر:
[1] . عاشورا پژوهی، صحتی سردرودی، ص19 و ص71.
[2] . مقتل أبي مخنف، ص 99.
[3] . ینابیع المودة، القندوزي، ج3، ص87.
[4] . بحارالانوار، محمد باقر المجلسي، ج 45، ص115.
[5] . عوالم الامام الحسین، محمد باقر المجلسي،ج17، ص 373.
[6] . مقدمه خصائص الزینبیة، السيد نور الدين الجزائري، ص 23.