الملخص: ثقل علی فاطمة الزهراء المرض ، والإمام لا يفارقها ، وأسماء تمرضها ، والحسن والحسين وزينب وام كلثوم عندها ، وهي تفيق مرة ويغشى عليها اخرى من شدة المرض ، وتجيل بصرها في أولادها ... يقول الإمام على عليهالسلام : انها لما حضرتها الوفاة فتحت عينيها وقالت : السلام عليك يا جبرئيل ، السلام عليك يا رسول الله ، اللهم احشرني مع رسولك ، اللهم اسكني جنتك وفي جوارك.ثم قالت : هؤلاء ملائكة ربي ، جبريل ورسول الله حاضرون عندي ، وأبي يقول : القدوم الينا.
مرضت فاطمة عليهاالسلام مرضاً شديداً ، ومكثت اربعين ليلة في مرضها ، فلما نعيت اليها نفسها قالت لعلي عليهالسلام : يابن عم ، انه قد نعيت الي نفسي ، وانني لا أرى ما بي إلاّ انني لاحقه بأبي ساعة بعد ساعة ، وانا أوصيك بأشياء في قلبي.
قال لها علي عليهالسلام : أوصي بما أحببت يا بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت ، ثم قالت : يابن عم ، ما عهدتني كاذبة ، ولا خائنة ، ولا خالفتك منذ عاشرتني.
فقال عليهالسلام : معاذ الله ، أنت أعلم بالله وأبر واتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله ، من أن أوبخك بمخالفة ، وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا انه أمر لابد منه ، والله جددت علي مصيبة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد عظمت وفاتك وفقدك ، فإنا لله وانا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها ، هذه الله مصيبة لا عزاء لها ، ورزية لا خلف لها ، ثم بكيا جميعاً ساعة [1]. لخّصت فاطمة عليهاالسلام في هذا الحوار حياتها الزوجية في هذه العبارات ، فذكرت الامير عليهالسلام باخلاصها وطهارتها واطاعتها لزوجها.
وشكر لها الإمام وفاءها ، وأثنى على طهارتها وقدسيتها ومعاناتها وتقواها ، وأبدى لها حبه ووده وتعلقه بها. وهاجت بهما الذكريات وجاشت الخواطر وتذكرا حياتهما السعيدة التي غمرتها الغبطة والدفء ، والوقوف جنباً إلى جنب في مواجهة الاحداث والمشاكل وتذليل الصعاب ، فانهمرت لذلك عيناهما بالدموع ، لعلها تطفئ نار القلب التي تقضي على الجسد.
وبعد ان بكيا ساعة أخذ علي عليهالسلام رأسها وضمها إلى صدره ثم قال : أوصيني بما شئت ، فانك تجديني فيها أمضي كما امرتيني به ، واختار أمرك على أمري.
ثم قالت : جزاك الله عني خير الجزاء ، وأوصته بوصاياها ، وهي :
١ ـ يابن عم ، أوصيك ان تتزوج بعدي بابنة أختي امامة ، فانها تكون لولدي مثلي ،فإنّ الرجال لابد لهم من النساء [2].
٢ ـ ان أنت تزوجت إمرأة فاجعل لها يوماً وليلة واجعل لاولادي يوماً وليلة ، يا أبا الحسن لا تصح في وجوههم فيصبحا يتيمين غريبين [3].
٣ ـ أوصيك يابن عم ، ان تتخذ لي نعشا ، فقد رأيت الملائكة صوروا صورته ، فقال لها : صفيه لي ... فوصفته ، فاتخذه لها [4].
٤ ـ أوصت لأزواج النبي لكل واحدة منهن اثنتى عشرة أوقية [5].
٥ ـ ولنساء بني هاشم مثل ذلك.
٦ ـ وأوصت لأمامة بنت أبي العاص بشيء [6].
وكانت لها وصية مكتوبة جاء فيها : « هذا ما أوصت فاطمة بنت رسول الله بحوائطها السبع ؛ ذي الحسنى والساقية ، والدلال ، والغراف ، والرقمة ، والهيثم ، ومال أم ابراهيم ، إلى علي بن أبي طالب ، ومن بعده فإلى الحسن ، فإلى الحسين ، ومن بعد الحسين فإلى الاكبر فالاكبر من ولده ، شهد الله على ذلك وكفى به شهيداً ، وشهد المقداد ابن الاسود ، والزبير بن العوام ، وكتب علي بن أبي طالب [7].
وروى ابن عباس وصية مكتوبة اخرى لها عليهاالسلام جاء فيها : « بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصت وهي تشهد ان لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ، وان الجنة حق ، والنار حق ، وان الساعة آتية لا ريب فيها ، وان الله يبعث من في القبور ، يا علي : أنا فاطمة بنت محمد ، زوجني الله منك لاكون لك في الدنيا والآخرة ، انت اولى بي من غيري ، حنطني وغسلني وكفني بالليل وصل علي وادفني بالليل ولا تعلم أحدا ، واستودعك الله وأقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة » [8].
المصادر:
[١] البحار : ٤٣ / ١٩١.
[2] مناقب ابن شهر اشوب : ٣ / ٣٦٢.
[3] البحار : ٤٣ / ١٧٨.
[4] البحار : ٤٣ / ١٩٢.
[5] المصدر السابق.
[6] دلائل الإمامة : ٤٢.
[7] دلائل الإمامة : ٤٢.
[8] البحار : ٤٣ / ٢١٤.
المصىر: المكتبة مدرسة الفقاهة