ادعی أهل السنة انه روی عن النبي صلی الله علیه و آله حدیث العشرة المبشرة الذي وعد فیه الجنة لعشرة اشخاص من اصحابه لکن يواجه هذا الحديث مشاكل عديدة نصاً ودلالةً.
ادعی أهل السنة انه روی عن النبي صلی الله علیه و آله حدیث یسمی حدیث العشرة المبشرة اوعد فیه الجنة لعشرة اشخاص من اصحابه.
لکن يواجه هذا الحديث مشاكل عديدة من جهة النص و الدلالة.
منها: أن هذا الحدیث مضطرب من حیث نفس الأشخاص العشرة المبشرة و روي بعبارات مختلفة ولو أردنا أن نعد جميع الأشخاص المذكورين في تلك الأخبار من العشرة المبشرة لتجاوزوا العشرة.
جاء في سنن الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة و عبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة.[1]
ففي هذا الحديث أعتبر أبوعبيدة من المبشَرين العشرة.
لکن ورد اسم ابن مسعود مكانه في رواية حاكم النيسابوري في مستدركه:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله عشرة في الجنة فذكر أبابكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهم. [2]
أما فیما ورد في سنن ابن ماجه وسنن أبي داود فلا اسم لأبي عبيدة ولا لابن مسعود بل ذكر اسم النبي صلى الله عليه و آله و سلم مکانهما في سنن ابن ماجه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة فقال أبوبكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وسعد في الجنة وعبد الرحمن في الجنة فقيل له من التاسع؟ قال أنا![3]
وفي سنن ابي داود عرف سعد بن مالك كواحد منهم:
عشرة في الجنة النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير بن العوام في الجنة وسعد بن مالك في الجنة و عبد الرحمن ابن عوف في الجنة ولو شئت لسميت العاشر قال فقالوا من هو فسكت قال فقالوا من هو فقال هو سعيد بن زيد.[4]
و في نفس الكتاب في حدیث آخر جاء اسم سعد بن أبي وقاص مکانه:
... ومن التسعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف قلت ومن العاشر فتلكأ هنية ثم قال أنا. [5]
ومنها: إن عبد الرحمن بن عوف و سعيد بن زيد هما رواة هذا الحدیث و أیضا هما من الموعودین بالجنة مع أن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز لا لأنفسهم! بينما لم يروِ هذا الخبرَ باقي الاشخاص الذين كانت أسماؤهم من المبشرين العشرة.
وعبد الله بن عمر أیضاً من رواة هذا الحديث لکنه لم يلتزم بما روی فرفض بیعة أميرالمؤمنين علي علیه السلام و بایع معاویة!
ومنها: انه مما يثير الشك في صحة هذا الخبر انکار هؤلاء العشرة ما وعدهم النبی صلى الله عليه و آله. فهذا سعد بن ابي وقاص لم یقبل حديث العشرة المبشرة و نقل هو صحیحاً عن النبي صلى الله عليه و آله: عن عامر بن سعد قال سمعت أبي يقول ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحي يمشي انه في الجنة الا لعبد الله بن سلام![6]
فالنبي صلى الله عليه و آله حسب هذا الحديث وعد شخصا واحدا بالجنة و ذاك الشخص هو عبد الله بن سلام و لا أثر عن العشرة!
و من اللطیف أن اسم عبد الله بن سلام المبشَر بالجنة لم یذکر في الأخبار السابقة!
ومنها: ان أحدا من الخلفاء لم یستشهد بهذا الحديث مع أنه فضیلة أيّ فضیلة. فمن الجدیر ذکره في سقیفة بني ساعدة وقد كانوا يتجادلون فيما بينهم على الخلافة أو عندما انزعج الناس من ظلم عثمان و تبعیضه و حاصروا منزله لقتله فهنا کان یتمکن عثمان ان یقول کیف تقصدون قتل شخص وعده النبي صلی الله علیه و آله بالجنة؟
هذا کله یسبب إثارة الشك في صدوره عن النبي صلی الله علیه و آله فلا نرتضي به.
المصادر
[1] . سنن الترمذي، ج 5، ص 311 .
[2] . المستدرك علی الصحیحین، الحاکم النیسابوري، ج 3، ص 316 و 317.
[3] . سنن ابن ماجه، محمد بن یزید القزویني، ج 1 ص 48.
[4] . سنن أبي داوود، سلیمان بن الأشعث السجستاني، ج 2، ص 401 و 402.
[5] . سنن أبي داوود، سلیمان بن الأشعث السجستانی، ج 2، ص 401.
[6] . صحيح مسلم، مسلم النيسابوري، ج 7، ص 160