الحرب الناعمة الأمريكية(3)

16:53 - 2015/11/18

الملخص: الحرب الناعمة مشتقة من مقولة "القوة الناعمة" كما روج لها المنظر الأول لهذه القوة البروفيسور جوزيف ناي نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق ومدير مجلس المخابرات الوطني الأمريكي، وعميد كلية الدراسات الحكومية في جامعة هارفرد، وهو أحد أهم المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين.

الحرب الناعمة،أمريكا،الإستراتيجية الأمريكية

ماهية ومفهوم الحرب الناعمة الأمريكية بالوثائق والمستندات.

ثالثا: الحرب الناعمة بند على جدول أعمال خطة تحركات كبرى وشاملة.

أصبحت الحرب الناعمة إذا جزءا رئيسا من الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة. وهذه الحرب تبلورت في خلايا التفكير الأمريكية في العام 2006 وأقرت رسميا في الكونغرس الأمريكي في العام 2008 كما كشف عن بعض تفاصيلها الصحافي الأمريكي الشهير سيمور هرش[1] ومن يطلع على أرشيف المخابرات الأمريكية CIA التي تسربت بصورة علنية على شكل وثائق مؤخرا[2] وما تسرب من وثائق على موقع ويكيليكس يفهم ترابط الإستراتيجيات والسياسات وآليات التخطيط والتحرك لدى الأجهزة والأذرع التنفيذية للإدارة الأمريكية التي عهد إليها مباشرة الحرب الناعمة على إيران والمتحالفين معها. فقد يظن ويتوهم بعضهم أن الحرب الناعمة هي فقط حرب إعلامية أو ثقافية أو سياسية منفصلة عن أي تحرك له صلة بالعمل الاستخباراتي والعسكري والعملاني على الأرض، وهذا خطأ منهجي ووهم كبير، لأن من يقرأ بنود الميثاق الرسمي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ويمعن النظر ببعض بنوده يعثر على عنوان مخصص للانقلابات يتيح "اغتيال وحذف شخصيات مؤثرة في الجبهة المعارضة للنظام المستهدف في سبيل دعم أهداف نفسية ودعائية في إطار خطة تحرك كبرى" وبند يتيح "تسليح جماعات منشقة عن النظام المستهدف" وبند يتيح "شراء ذمم زعامات وكتاب صحف ومدراء إذاعات ودور نشر ومحطات تلفزيونية"[3].

إذا الإدارة الأمريكية تعمل وفق خطة منسجمة وشاملة ومتوازية على 3 خطوط:

أ ـ الخط الأول يقوم على دعم الجماعات المسلحة الإرهابية الخارجة على النظام الإسلامي (منظمة مجاهدي خلق وجماعة جند الله البلوشية وجماعة بيجاك الكردية وجماعة عرب الأهواز) والتلويح بشن حرب عسكرية أمريكية إسرائيلية لأجل الردع وفي إطار الحرب النفسية.

ب ـ الخط الثاني الذي بقي طي الكتمان فيتضمن العمل على دعم التيارات والشخصيات السياسية الإيرانية المعارضة من داخل النظام الإسلامي نفسه، هذا الدعم قد لا يكون منسقا مع هذه التيارات والشخصيات المعارضة، لأن هدفه زج هذه التيارات والشخصيات في معارك داخلية لتدمير وكسر الثقة مع أركان النظام، وهنا تبرز إحدى ميزات وتكتيكات الحرب الناعمة كما سنبين إنشاء الله.

ت ـ الخط الثالث يقوم على دعم شبكات شبابية وطلابية وإعلامية وإفتراضية على الإنترنت لتشويه سمعة النظام ورموزه ورفع شعارات معادية وبث إشاعات وأخبار مزورة، هذه الإجراءات تحدث عنها بالتفصيل أحد الباحثين الغربيين[4].

وبالتالي فالحرب الناعمة على إيران جزء من حرب حقيقية 100% وهي حلقة في مخطط ثلاثي الأبعاد يعمل على توزيع الأدوار على ثلاثة مستويات:

 

أ ـ الحرب الناعمة لتدمير موارد إيران الناعمة وضرب امتداداتها وتأثيراتها.

ب ـ الحرب الصلبة العسكرية في إطار الحرب النفسية والاحتواء والردع.

ت ـ الحرب الاقتصادية والحصار والعقوبات الاقتصادية لإضعاف مواردها وإمكاناتها وشلّ قدراتها.

هذه الحلقات تقع في إطار وسياق خطة واحدة منسجمة تنفذها غرفة عمليات واحدة تنسق بصورة يومية بين وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع (البنتاغون) في إطار جبهة ومعركة واحدة.

ومن ناحية ثانية، يكفي أن نشير إلى أن من وضع أسس هذه الحرب كلهم قيادات وكوادر عملوا في وزارة الدفاع الأمريكية كنواب ومساعدين لوزراء

الدفاع أو كباحثين في مراكز الدراسات والأبحاث المرتبطة بدوائر القرار الأمريكي، وبالتالي فهؤلاء من متخرجي المؤسسات العسكرية والأمنية وليسوا من خريجي كليات الفنون الجميلة أو كليات العلوم الإنسانية.

وبناء عليه لا يعني الحديث عن إستراتيجية ومشروع الحرب الناعمة فصل تناغمها عن القوة الصلبة، لأن أمريكا ستبقى محتاجة إلى القوة العسكرية والأمنية لمواجهة " الإرهاب وتحقيق الاستقرار" حسب ما أفصح عنه منظر الحرب الناعمة جوزيف ناي قائلا "الحفاظ على سطوة القوة الصلبة جوهري للأمن القومي الأمريكي" وأضاف "أنا كنائب سابق لوزير الدفاع الأمريكي لا يمكن لأحد أن ينافسني أو يزايد أمامي في مدى معرفتي واقتناعي بأهمية القوة العسكرية الصلبة ولكننا لن ننجح بالسيف وحده. ولقد نجحنا بمواجهة الإتحاد السوفياتي ليس بالقوة العسكرية والردع العسكري فحسب، وليس من خلال عمليات الحرب الباردة، بل بسبب القوة الناعمة التي قدر لها أن تساعد في تحويل الكتلة السوفياتية من الداخل، ولو استغرق ذلك عشرات السنين. فالعبرة الأهم هي الصبر والنفس الطويل والمزج والتوازن بين القوتين الصلبة والناعمة وتلك هي القوة الذكية"[5].

المصادر:

[1] مقالة لسيمور هرش منشورة في مجلة ذي نيويوركر نقلناها عن بحث بعنوان "أمريكا تعد الميدان ضد إيران" للباحث محمد عبد الحليم منشورة في موقع إسلام اون لاين WWW.islamonline.net.

[2] كتاب "إرث من الرماد تاريخ CIA" الصادر عن شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ط. 2010.

[3] ارث من الرماد. تاريخ CIA. المصدر السابق. ص 375 - 475

[4] مقالة تحت عنوان "ثورة تويتر .... أحلام أمريكا في إيران" للكاتب الكندي ماكسيمان فورت إصدار 2009 منشورة على صفحات موقع قناة الجزيرة للدراسات www.aljazeera.net/studies

[5] المصدر السابق. ص 21

 http://alwelayah.net/?p=12721

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.