أخطاء الخليفة الثالث في زمن خلافته

من الأسئلة التي دائما تواجهها أهل السنة من جانب الشيعة هو أنه هل الخليفة و الإمام من بعد الرسول صلى الله عليه و آله يجب أن يستمر بسنة النبي صلى الله عليه و آله و أن يسعى كي تستقر الأحكام و القوانين الإسلامية في المجتمع أو أنه يستطيع العمل على حسب رأيه و نظره و بخلاف سنة النبي صلى الله عليه و آله حتى لو كان مخالفا للإسلام و القرآن و سنة النبي صلى الله عليه و آله؟

ترى أهل السنة أن الخلفاء الثلاث عدول و أنهم أفضل الصحابة و أفضل البشر. طبعا إن أهل السنة لم تأت بأدلة مقنعة لمقالتهم هذه بل إن كلامهم هذا مجرد إدعاء فقط. ولكن الشيعة تعتقد أن أفضل الأمة من بعد النبي صلى الله عليه و آله، أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام و الثلاثة ليسوا عدولا بل كانوا قد غصبوا حق الإمامة و الخلافة من أميرالمؤمنين عليه السلام.

من أدلة الشيعة على مقالتهم هذه، عمل الخليفة الثالث. فهو ببعض أعماله التي بلا شك كانت ضد الإسلام و سيرة النبي صلى الله عليه و آله سبب غضب الناس و قيامهم ضده و الذي تسبب بقتله أخيرا. سؤالنا من إخوتنا أهل السنة هو أنه أي من هذه الأعمال الغير مطلوبة، موافقة للإسلام و لسيرة النبي صلى الله عليه و آله؟

في هذه المقالة نبين بعض أعمال الخليفة الثالث المخالفة لنص القرآن الصريح و لسنة النبي صلى الله عليه و آله و نترك الإجابة على السؤال المذكور في الأعلى للقارئ المحترم.

1.هبة أموال النبي صلى الله عليه و آله لأقاربه

في زمن الخليفة الأول و الخليفة الثاني، منع أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله من تركة رسول الله صلى الله عليه و آله و منع عنهم حتى الخمس الذي قد عينه الله لأهل بيت النبي صلى الله عليه و آله ولكنها قد عدّا هذه الأموال من بيت مال المسلمين و خصصاها لكل المسلمين ولكن عثمان خصصها لأقاربه فقط. [1]

2.هبته المناصب الحكومية للمطرودين من قِبَل رسول الله صلى الله عليه و آله

كان الحكم بن العاص يؤذي النبي صلى الله عليه و آله كثيرا فقال النبي فيه:

لا تسكنوه و ولده في جواري

فتم تبعيده و أولاده إلى الطائف. و بعد إرتحال النبي صلى الله عليه و آله، سأل عثمان أبابكر بأن يعيدهم إلى المدينة فلم يقبل أبوبكر و قال:

إني لا آوي من طرده رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

في زمن عمر أيضا كرر عثمان طلبه فسمع ما سمع من أبي بكر من قبل. ولكن عندما وصلت الخلافة إلى عثمان، أرجعهم إلى المدينة.

لم يراع عثمان سنة النبي صلى الله عليه و آله و سيرة الخلفاء و قام بإرجاع أولاد العاص إلى المدينة و وهب إليهم بعض المناصب الحكومية فأدخلهم في الحكومة الإسللامية. أحدهم يسمى عبدالله بن سعد بن أبي سرح العامري القرشي و كان إبن خالة عثمان و أخوه في الرضاعة. كان في السابق كاتبا لرسول الله ولكن بعد خيانته في الكتابة، عزله رسول الله صلى الله عليه و آله من منصبه و لذا إرتد عن الإسلام و إلتحق بأهل مكة فقال رسول الله صلى الله عليه و آله بأنه مهدور الدم ولكن عثمان في زمن خلافته قام بتعيينه حاكما لمصر. مروان بن الحكم و حارث بن الحكم أولاد عم عثمان أيضا لهم حكاية كحكاية عبدالله بن سعد. [2]

3.أجبر الناس على قراءة القرآن بشكل واحد و تحريق باقي المصاحف

من الإشكاليات التي تطرح على منهج عثمان هو أنه قام بجبر الناس علي قراءة القرآن بقراءة زيد بن ثابت فقط و أمر بحرق باقي القراءات.

لو كان عمله هذا عملا صحيحا لسبقه بفعله رسول الله صلى الله عليه و آله و لأمر ببطلان كل الروايات ما عدا رواية زيد بن ثابت؛ و لفعل ذلك أبوبكر و عمر أيضا. أجاب البعض عن هذا الإشكال بأن عثمان فعل هكذا ليسد باب النزاع و الإختلاف حول القرآن و قراءته.

ينقل إبن أبي الحديد عن المرحوم المرتضى رحمه الله أنه أجاب عن هذا الإستشكال قائلا:

إن إختلاف الناس في القراءة ليس بموجب لما صنعه؛ لأنهم يروون‏

أن النبي صلى الله عليه و آله قال نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف‏. [3]

فهذا الإختلاف عندهم في القرآن مباح مسند عن الرسول صلى الله عليه و آله فكيف يحظر عليهم عثمان من التوسع في الحروف ما هو مباح فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن كما إدعى لما أباح النبي صلى الله عليه و آله في الأصل إلا القراءة الواحدة لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمته من حيث كان مؤيدا بالوحي موفقا في كل ما يأتي و يذر.[4]

4.رواج الفساد بين مسؤلي الحكومة

في زمن خلافة عثمان، عدم التدقيق في إختيار المسؤلين و ترجيح أقاربه على سائر الناس، سبب صدارة أشخاص غير لائقين. و لذا ظهرت مفاسد في حكومة الخليفة الثالث؛ منها عزل الوليد بن عقبة و تعيين سعيد بن العاص مكانه.

إن الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة خرج متفضِّلا في غَلائله، فتقدَّمَ إلى المحراب في صلاة الصبح، فصلى بهم أربعاً، وقال: أتريحون أن أزيدكم؟ وقيل: إنه قال في سجوده وقد أطال: أشرب وإسقني، وأشاعوا بالكوفة فعله، وظهر فسقه ومداومته على شرب الخمر، لذا عزله عثمان و ولى سعيد بن العاص إمارة الكوفة مكانه. [5]

5.إستمرار القصاصون في زمن خلافة عثمان

القص من عادات الجاهلية ما قبل الإسلام؛ قد محاها النبي صلى الله عليه و آله في زمانه ولكن قد جرت مرة أخرى في زمن الخليفة الأول. أحد القصاصون يسمى تميم الداري من يهود اليمن قد أظهر الإسلام في السنة التاسعة من الهجرة. في زمن الخليفة الثالث، أذن له أن يحضر في المساجد و المجالس مرتين في الأسبوع و يقص على الناس أخبار الأمم الماضية و أساطيره.

6.طرد أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله و جفاهم و ظلمهم

إلى جانب المفاسد الجارية في حكومة عثمان و العزة التي كان يحظى بها بعض الفساق كبنو أمية، من قبل الخلافة أنذاك، لم يكن لأصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و للمؤمنين الحقيقيين مكان في الحكومة و كانوا يتعرضون للأذى و الظلم دائما؛ أشخاص كإبن مسعود، عمار بن ياسر و أبي ذر الغفاري. عثمان أبعد أباذر المدافع عن الحق و العدالة إلى ربذة بجرم مكافحته الظلم و البدع.

بعد بيان هذه الأمور، نسأل القارئ المحترم هل لشخص كهذا لياقة خلافة رسول الله صلى الله عليه و آله؟

هل يمكن تسمية مَن عمل خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه و آله خليفة لرسول الله صلى الله عليه و آله؟

من جعل بيت مال المسلمين ملكا خاصا له و قام بتقسيمه بين أهله و أقاربه، هل يمكنه أن يكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه و آله الذي أتى لإقامة العدالة و الدفاع عن المظلوم و مكافحة الظلم؟

نترك الحكم للعقول الواعية و التي تبحث عن الحق.

المصادر

[1] سيد مرتضى العسكري، معالم المدرستين، ج2، ص164

[2] المكتبة الشاملة، تاريخ اليعقوبي، ج1، ص171

[3] سنن النسائي، ج4، جامع ما جاء في القرآن

[4] إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج3، ص46

[5] المسعودي، مروج الذهب، ج1، ص306