استمرار التکفير

قد يقول قائل إنّ ما تنقلونه من کلمات التکفير هذه عن الوهابيين إنّما يعود زمانها إلی أکثر من150سنة، وقد يکونوا الآن بدّلوا طريقتهم واتخذوا طريق السلم والتعايش مع المسلمين، خاصّة وقد استقرّ ملك آل سعود واستتبت الأمور لهم؟!
نقول للأسف، ما زال الوهابيون أداة طيعة بيد الاستکبار السياسي ومخططات المخابرات المرکزية الأمريکية، ينفذون أجندة الدول الاستکبارية في تمزيق المسلمين وإضعافهم من أجل الهيمنة علی ثروات الشرق الأوسط، وتأمين وضع(إسرائيل) في المنطقة.
وهذه هي بعض الفتاوی للمتأخرين من علمائهم في تکفير المسلمين وخصوصاً الشيعة، الذين ارتفعت وتيرة «التکفير» إزائهم بعد قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، الأمر الذي يؤکد «الوجه» السياسي للحرکة الوهابيّة وأنّها أداة طيعة بيد المستکبرين يرفعونها بيد أعدائهم متی شاؤوا... وإلّا بماذا نفسّر هذه الحملة «المحمولة» ضد الشيعة في العالم بعد تغّير نظام الحکم في إيران، مع أنّ کلا النظامين- السابق والاحق- في إيران هما شيعيان؟!
جاء في کتاب اللؤلؤ المکين من فتاوی الشيخ ابن جبرين:
«السؤال: ما حکم دفع زکاة أموال أهل السنّة لفقراء الرافضة- شيعة- وهل تبرأ ذمّة المسلم الموکّل بتفريق الزکاة إذا دفعها للرافضي الفقير أم لا؟
الجواب: لقد ذکر العلماء في مؤلّفاتهم في باب أهل الزکاة أنّها لا تُدفع لکافر ولا مبتدع، فالرافضة بلا شكّ کفّار لأربعة أدلة:
الأول: طعنهم في القرآن، وادّعاؤهم أنّه حذف منه أکثر من ثلثيه، کما في کتابهم الذي ألّفه النوري وسمّاه: فصل الخطاب في إثبات تحريف کتاب رب الأرباب وکما في کتاب الکافي، وغيره من کتبهم، ومن طعن في القرآن فهو کافر مکذّب لقوله تعالی: «وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». [1]
الثاني: طعنهم في السنة وأحاديث الصحيحين، فلا يعملون بها لأنّها من رواية الصحابة الذين هم کفّار في اعتقادهم، حيث يعتقدون أنّ الصحابة کفروا بعد موت النبي(ص) إلّا علي وذريته، وسلمان وعمار، ونفر قليل، أمّا الخلفاء الثلاثة، وجماهير الصحابة الذين بايعوهم فقد ارتدوا، فهم کفّار، فلا يقبلون أحاديثهم، کما في کتاب الکافي وغيره من کتبهم.
الثالث: تکفيرهم لأهل السنّة، فهم لا يصلّون معکم، ومن صلّی خلف السنّي أعاد صلاته، بل يعتقدون نجاسة الواحد منّا، فمتی صافحناهم غسلوا أيديهم بعدنا، ومن کفّر المسلمين، فهو أولی بالکفر، فنحن نکفرّهم کما کفّرونا و أولی.
الرابع: شرکهم الصريح بالغلو في عليّ وذرّيته، ودعاؤهم مع الله، وذلك صريح في کتبهم، وهکذا غلوّهم ووصفهم له بصفات لا تليق إلّا بربّ العالمين، وقد سمعنا ذلك في أشرطتهم. ثمّ أنّهم لا يشترکون في جمعيات أهل السنّة، ولا يتصدّقون علی فقراء أهل السنّة، ولو فعلوا فمع البغض الدفين، يفعلون ذلك من باب التقية، فعلی من دفع إليهم الزکاة فليخرج بدلها، حيث أعطاها من يستعين بها علی الکفر، وحرب السنّة». [2]
کلّ ما أفاده ابن جبرين هنا هم کذب وافتراء علی الشيعة الإمامية، والأدلة الأربع التي ذکرها في تکفيرهم کلّها فارغة و مردودة عليه و لا يوجد فيها نقطة واحدة صحيحة.
أمّا الدليل الأول(دعوی القول بتحريف القرآن) فقد أبطله علماء الطائفة بصراحة؛ أتى زعيم الطائفة السيد أبو القاسم الخوئي في کتابه(البيان في تفسير القرآن) ببيان لا مزيد عليه، فقد ذکر السيد الخوئي بأنّ الطائفة تؤمن بان هذا الکتاب المتداول بين المسلمين هو کتاب الله لا زيادة فيه ولا نقصان، ومن قال خلاف ذلك- سواء کان من الشيعة أم السنة- فهو مشتبة.
وأمّا الدليل الثاني(دعوی عدم العمل بأقوال الصحابة وتکفيرهم) ففيه خلط کثير؛ إذ الشيعة لا تکفّر الصحابة وإنّما هي تقول: الصحابة ليس عدول کلّهم- کما يعتقد البعض من أهل السنة- بل يوجد فيهم: العادل والفاسق والمنافق، کما فصّل ذلك المولی سبحانه وتعالی بشکل صريح في سورة التوبة.
وأمّا الدليل الثالث(دعوی تکفير أهل السنة) فهذا کذب صراح تفضحه الرسائل العلمية لمراجع الدين الشيعة ومجتهديهم الذين يقولون بإسلام المخالف وطهارته.
وأمّا الدليل الرابع(دعوی الغلو في علي وذريته) فهو إمّا منشأه الکذب أو الجهل كما يدل عليه قوله «و قد سمعنا ذلك في أشرطتهم»!، وإلّا فعقيدة الشيعة الإمامية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولا يوجد فيه تأليه للأئمة(عليهم السلام): «وَقَد خَابَ مَن افتَرَی». [3]
وهناك فتاوی تکفيرية أخری عن الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ عبدالرحمن السحيم، والشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك، وغيرهم التي صدرت عنهم في کل العالم الإسلامي.

المصادر:
[1] سورة الحجر، الآية9.
[2] اللؤلؤ المکين من فتاوی فضيلة الشيخ ابن جبرين، ص39.
[3] سورة طه، الآية61.