ثورة الامام الخميني استمرارية لثورة الامام الحسين (ع) لمحاربة الظلم والطغيان (2)

11:40 - 2017/02/05

الملخص: الثورة الإسلامية الإيرانية هي ثورة نشبت سنة 1979 وحولت إيران من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا الفهلوي، لتصبح جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء. روح الله الخميني يعد مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

ثورة, الإمام, الخميني

هكذا كان الامام الخميني صامدا صلبا لم يكل ولن تغفو او تنم له طرفة عين في الدفاع عن الاسلام والمسلمين والمستضعفين بشكل عام وابناء الشعب الايراني بشكل خاص. ان الامام الخميني لم يقف مكتوف الايدي بعد انتصار الثورة الايرانية ولم يركن الى زهوة الانتصار وتحقيق الهدف باسقاط الشاه وحسب بل كان مراقبا ومهندسا الى ما بعد فترة سقوط الشاه، حيث اخذ يحذر من مؤامرة الاشاعات التي انتشرت بشكل واسع في مدن الجمهورية الاسلامية، وكما حدث في ايران نشاهد ما يحدث من دعايات مضادة للحكومة الجديدة في العراق بعد سقوط صدام، الا ان الفارق ان هنالك في ايران قائد مفجر للثورة ومرشد لمسيرتها لا منافس له بينما يوجد في العراق اكثر من اربع سلطات فلا وجه للمقارنة في مجال القيادة .
ولا غرابة بان يشهد ويعترف فلاسفة العالم ومفكريه امثال مايكل فوكولت مفكر الشعب الفرنسي عندما زار ايران كمراسل وكاتب وصف الشعب الايراني اثناء بداية ثورته: «وكنا يجب ان نكون هناك في بداية ولادة الافكار.... وأصبح الانفجار خارجا عن سيطرتهم فهو لم يكن مجرد احاديث وتعابير كتب، وإنما أحداث تظهر تلك القوة للعيان، وفي كفاح من اجل افكار هي قد تكون من صالحهم او لا»، وأضاف الفيلسوف الفرنسي ان الثورة الاسلامية الملتهبة في ايران يمكن ان تضرم النار وتضيء كافة المنطقة وتغير كافة النظم غير المستقرة وتقلق وتهز الاكثر صلابة واستقرار، ويضيف الكاتب الفيلسوف بأن الاسلام ليس مجرد دين وانما هو نظام كامل وشامل للحياة وهو متلازم ومتماسك مع التأريخ والحضارة وله فرصة بان يكن قوة هائلة كبرميل من البارود المتفجر لمصلحة مئات الملايين من الناس، وقد كتب هذا الفيلسوف عدة مقالات عن الامام الخميني والثورة الايرانية في الصحف الفرنسية والايطالية، واضاف المفكر الفرنسي بأن اليساريين والعلمانيين في ايران يعتقدون بانهم سوف يستخدمون الاسلاميين والاسلام كسلاح لمصلحتهم الا انه يعتقد ان المسلمين قادرين وحدهم بعكس صورة «تمثل الوحدة المتكاملة للرغبة والمشيئة العامة للمجتمع الايراني» (عن بوستن كلوبل-وسلي ينك).
واما نعوم جومسكي المفكر الامريكي فهو يرى ان الولايات المتحدة الامريكية التي ترى نفسها سيدة العالم في كل شيئ اضطرت الى استخدام مصطلحات الامام الخميني في محاربة القوى العظمى كاستخدام مصطلح «الشيطان الاكبر» اذ استعملته امريكا في محاربة الاتحاد السوفيتي اثناء الحرب الباردة كدعاية مضادة فاستخدمته باتجاه مصلحتها حين رأت لها حاجة فيه. صفحة (209) .(The Essential Chomsky) ثم يتحدث هذا الفيلسوف الامريكي في مقابلة مع كوراش زيباري 15-04-2009 بأن العداء الامريكي للثورة الاسلامية وقيادتها ظهر اكثر وضوحا وصراحة في حجة المفاعل النووي، الا ان الاغلب من الشعب الامريكي يؤيد ايران في استخدام حقها في استعمال الطاقة النووية، وأن امريكا وقفت بوجه ايران لأن ايران ليس من الدول التي تخضع للارادة الامريكية لذا حاولت امريكا ولاتزال تأليب الرأي العالمي على ايران تحت ذريعة ان ايران تعارض «الارادة الدولية» وهذا المصطلح يعني ان امريكا هي «الارادة الدولية» ثم يذهب جومسكي اكثر من ذلك في هذه المقابلة «بأن امريكا تعتمد سياسة الغاب حين ترى ان الاقوى له الحق بما يفعل» ردا على سؤال: هل يجب على امريكا ان تعتذر للشعب الايراني نتيجة لسياساتها التي اضرت به؟. اما كتاب وفلاسفة وسياسي المسلمين فقد كتب الكثير منهم عن شخصية الامام الخميني التي ابهرتهم في مُثلها وجهادها من اجل نصرة العدل واحقاق الحق ومحاربة الاستعمار والصهيونية وظلم الحكام، ويحتاج الى هذا مقالات اخرى لتغطية فكر الامام.
لم يتوان الامام الخميني يوما واحدا عن التفكير والعمل على اسقاط نظام الشاه فلم يضع في قاموسه من الخوف كلمة بل ولا حرفا واحدا فكان ثورة على الظلم والطغيان، وكان يعتقد لابد من ان يضع نهاية لنظام الشاه وذلك لإيمان الامام المطلق بقدرة الله، وقد نشأ هذا الايمان تحت ظروف وعوامل بيئية ووراثية حيث تربى الامام في بيت من العلم الرباني مما كرس فيه عقيدة بيت آل رسول الله اذ كان يعتقد بأن الحق يحيا بالايمان فكان قدس الله سره مؤمنا بعقيدة آل بيت الرسول بكل ما للكلمة من يقين مطلق لاشك ولااشكال فيه، وبالاضافة الى ذلك فقد كان صلبا في الدفاع عن حقوق الشعوب الاسلامية محملا حكوماتها المسؤولية في اهدار ثروات الشعوب وهيمنة الاجنبي واذلال ابناء البلدان الاسلامية وخاصة «آل سعود خونة الحرم الالهي العظيم عليهم لعنة الله وملائكته ورسله».
انه من الصعب ان يتخيل أي سياسي بأن ثورة الامام الخميني قد تتكرر ثانية في دولة اسلامية، ان ثورة الامام الخميني هزت واسقطت اكبر طاغيتين في ايران والعراق الا وهما الشاه وصدام، فكل مفكر ومحلل سياسي يرى ان بركان الثورة الايرانية الذي فجره الامام الخميني منذ الستينات كان هو السبب في تهرأ وتآكل حكومتي ونظامي الشاه وصدام، ولايزال مستعرا مستمرا في تهشيم الحكومات العميلة ومنيرا الدرب للمستضعفين في الارض للاطاحة بكل حكومة فاسدة وتشكيل حكومة كما في الجمهورية الاسلامية «قادرة على ان تشطب بالقلم الاحمر على اشكال الظلم والنهب والفساد والعدوان وهي قادرة على ايصال الانسان الى كماله المطلوب».(وصية الامام الخميني(.
لقد نادى الامام بتطبيق نظام الشريعة الاسلامية في العالم المتحضر بشكل حضاري ومدني والذي هو من صلب عقيدتها والا لم يكن الاسلام دين للحياة في كل زمان ومكان، الا انه يرفض الرجوع والاعتماد على العنف كما تقوم به الحركة الوهابية ومن سار خلفها لتشويه حقيقة الشريعة الاسلامية التي جعلها الله طريق خير ومحبة للاخذ بالبشرية نحو التكاتف والتكافل في حل امور الرعية وقيادة البشرية نحو التقدم والازدهار. نعم بدأ الامام الملهم بوحدة البيت الواحد لينطلق لبناء العالم وتقارب البشرية لانه يؤمن كما آمن جده الامام علي بن ابي طالب (ع) حين قال للأشتر في ولايته على مصر وكيفية عنايته بالبشر والرعية: «فإنهم صنفان اما اخ لك في الدين وأما نظير لك في الخلق». فنادى الامام الخميني بإقامة صلاة الجمعة عند الشيعة فانتشرت بينهم وكذلك اقام اسبوع الوحدة الاسلامية في مناسبة عيد ميلاد النبي محمد (ص) حيث ان هنالك فرق في عدة ايام في تاريخ يوم المناسبة بين الشيعة والسنة فوحدها الامام بأسبوع واحد اطلق عليه اسم اسبوع الوحدة الاسلامية، وكذلك غلق السفارة الصهيونية في طهران بعد الثورة مباشرة.
الامام الخميني هو الذي غير شعوب العالم الاسلامي التي اصابها الاحباط واليأس فرأت في الثورة الاسلامية الايرانية منارا لدربها وهداية لطريقها فأفاقت من السبات العميق الى اليقظة والنهوض والمطالبة بحقوقها التي هدرها الحكام وسرقها الاجنبي. وبدلا من ان تكون نظرية الامام الخميني شأنها شأن النظريات التي نادت بها الاحزاب والحركات الاسلامية ولكن دون تطبيق كما هو الحال لحركات اخوان المسلمين في مصر والاردن وبقية الدول التي تتواجد بها حركة الاخوان والحركات الاسلامية الاخرى وكذلك نفس الشيئ بالنسبة الى حركة الترابي في السودان والاسلاميين في الجزائر وماليزيا واندنوسيا وغيرها من الاقطار الاسلامية، الا ان ما حدث في الجمهورية الاسلامية يختلف عن تلك الحركات وذلك بان نظرية الامام الخميني وجدت لها حيزا في التطبيق والتنفيذ مما جعلت من الجمهورية الاسلامية دولة تضاهي وتوازي الدول المتقدمة تكنلوجيا وعلميا ويعد لها الف حساب، وهي اليوم الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعيش باستقلال وطني تام.
لذا فإن الامام الخميني اليوم يعتبر مؤسس اكبر دولة متطورة مستقلة في العالم الاسلامي المعاصر تستلهم منها بقية الشعوب الاسلامية روح العزة والفخر وآمال المستقبل المستقل عن استعمار الدول الكبرى التي لم تحصل منها ومن عملائها الحكام غير الذل والعبودية والتخلف والانحدار. الثورة الايرانية اليوم آمال ابناء فلسطين الذين لم يشعروا بجذوة النصر الا في حرب معركة غزة البطلة التي وقفت معها الجمهورية الاسلامية بشكل واضح ومكشوف دون خوف او مهابة من الدول الكبرى وقد وظفت وسخرت كل امكاناتها الاعلامية والمادية من اجل دعم ابناء غزة الى يومنا هذا، وإذا اراد ابناء فلسطين اليوم ان يفتخروا بانتصاراتهم فاول ما يذكرونه هو بسالتهم ووقوفهم في وجه العدو الصهيوني والاحالة من تحقيق أي فوز او انتصار له رغم ترسانته التي لاتستطيع مواجهتها الجيوش العربية، ولا ننسى هنا هزيمة الجيش الصهيوني في جنوب لبنان قبل غزة حيث لقنته قوات حزب الله درسا قاسيا لم يسبق له مثيل ولم يتوقع ما حدث من هزيمة ساحقة له منذ سنة 1917 وهكذا غيرت الثورة الخمينية مجرى التاريخ بوجه العدو الصهيوني الذي ما برح يرى ان اكبر وأخطر مهدد الى وجود كيانه هو طريق الثورة الاسلامية.
وما نراه اليوم من دعم لابناء غزة من قبل الجمهورية الاسلامية والذي سلط الأضواء العالمية على وحشية الدولة الصهيونية التي قتلت وجرحت العشرات من مناصري ابناء غزة الذين قدموا على ظهر السفن المحملة بالمساعدات الانسانية، فقد تحول الدعم الايراني الانساني للشعب الفلسطيني في غزة الى دعم عالمي وذلك بسبب وقفة الجمهورية الاسلامية المخلصة للقضية الفلسطينية.
اما الحياة الداخلية في الجمهورية الاسلامية فيشهد عليها الاجنبي قبل الموالي والمحب فهذه السيدة كاترين موتلر من جريدة (المستقلة) البريطانية وهي واحدة من اشهر الصحف في المملكة المتحدة اذ كتبت في هذه الصحيفة عدة مقالات عن ايران بما فيها الحياة الاجتماعية حيث كتبت بأن الناس هناك يتمتعون بحرياتهم الخاصة كحرية التعبير واللبس والاحتجاج ولكنهم في حالة حذرة من التدخل والتخوف الامريكي ولا يزال الشعب الايراني يتذكر اعمال مخابرات الشاه وآلامها، وهم اليوم يفتخرون بحق تصنيعهم النووي السلمي وكذلك يفتخرون بانتخاباتهم الحرة النزيهة ومحاربتهم للصهيونية وأمريكا.
وأخيرا فإن الامام وزعيم الامة الاسلامية الراحل تمسك بحبل القرآن وأحل حلاله وحرم حرامه ووضع عنه مكاسب الدنيا لما ايقن انه مفارقها وكان يؤمن ان ما يقربه من الله يبعده عن الشيطان الاكبر، وكان يخاطب ويوصي جميع المسلمين بتقوى الله فانها الزمام الذي يقود الى السعادة وبها نجاح طلباتكم وصلاح صدوركم وطهور أنفسكم. وهنا يقول الامام: «أليس من الافضل ان تسموا الى الاصلاح والمعاضدة بدلا من الانشغال بالتسقيط»، فسلام عليك ايها الامام يوم ولدت ويوم ذهبت الى المقر الابدي -كما توصفه انت- بقلب مطمئن وروح مسرورة ملؤها الايمان بالله ورسوله وآل بيته (ص) الذي جعلك الله من ذريتهم وحشرك معهم في عليين.

المصدر: الوفاق

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.