ثورة الامام الخميني استمرارية لثورة الامام الحسين (ع) لمحاربة الظلم والطغيان (1)

11:33 - 2017/02/05

الملخص: الامام الخميني قاد ثورة لمحاربة الظلم والفساد الاجتماعي والتدهور الاقتصادي الذي شجع عليه نظام الشاه كما شجع معاوية ويزيد وغيرهم من الذين ضمروا للاسلام الكراهية والعداء.

ثورة الإمام الخميني

ومن هنا فإن زعيم الثورة الايرانية وقائد مسيرتها نهض لاحقاق الحق ونشر العدالة في العالم وذلك بالدفاع عن مظلومية الشعوب المظلومة والمضطهدة من قبل طواغيت الدول المستعمرة والسارقة لخيرات الشعوب. وكان لابد لفقيد الامة من مواجهة خصوم اشداء توارثوا الهيمنة والسطو على ممتلكات الشعوب وموارد الدول المتخلفة كالسعودية وبعض دول الخليج (الفارسي) ومن ساوم مع دول الاستكبار على محاربة مبادئ الثورة الاسلامية وكان الامام على معرفة واضحة وعلم مسبق بان الثورة الاسلامية بجماهيرها الساحقة وانصارها خارج ايران سوف يلاقون من المواجهات العدائية والحروب الاقتصادية سواء على صعيد مواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية وحلفائها من جهة، ومحاربة ارزاق الافراد الذين يؤيدون مسيرة الثورة الاسلامية اينما كانوا من جهة اخرى. وهنا يشير الامام الخميني بفخر حين يرى ان اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية هم من خليط غير متجانس ومجموعات من عملاء امريكا واسرائيل حيث يقول:
«وأي فخر اسمى وارفع من ان امريكا بكل ادعاءتها وكل وسائلها الحربية وبكل الحكومات العميلة لها وبكل الثروات غير المحصاة التي تغتصبها من الشعوب المتخلفة المظلومة وبامتلاكها لكل وسائل الدعاية الدولية، امريكا هذه وبكل ما عندها تقف في مواجهة شعب ايران الغيور ودولة بقية الله الامام المنتظر ارواحنا لمقدمه الفداء، عاجزة بتلك الصورة الفاضحة فلا تدري بأي تتوسل، وتتلقى جواب الرفض من كل من تلجأ اليه وما كان ذلك ليتحقق الا بفضل الامدادات الغيبية للباري تعالى وجلت عظمته الذي ايقظ الشعوب وخاصة شعب ايران الاسلامي وقاده من ظلمات الظالم الملكي الى نور الاسلام، وها انا اوصي الشعوب النبيلة المظلومة وشعب ايران العزيز ان يتمسكوا بقوة واستقامة مبدئية بهذا الصراط الآلهي المستقيم الذي اختاره الله للناس فلا ارتباط بالشرق الملحد والغرب الظالم الكافر. وان لايغفلوا لحظة عن شكر هذه النعمة، وان لايسمحوا للايدي القذرة لعملاء القوى الكبرى الاجانب والمحليين وهم اسوأ من الاجانب بأن تنال من نواياهم المخلصة وإرادتهم الصلبة».
ففي هذه العبارة وغيرها من وصية مفجر الثورة الاسلامية يحس القارئ بمعاني القرآن وبيانه واحاديث النبي محمد (ص) وسنته وخطب امام المتقين علي (ع) وحكمه ونهج ابي الثوار وابي الاحرار الامام الحسين (ع) وشجاعته. نعم انه الامام الخميني الذي اعطى بايمانه وفداءه في سبيل الاسلام ومحاربة الطواغيت درسا للمظلومين في الاطاحة بالاستكبار وعبيده من حكام كالشاه وصدام وآل سعود وغيرهم من خونة الشعوب الذين هم السبب الاول في وجود الاستكبار العالمي في المنطقة وسلب خيرات الفقراء والمساكين من ابنائها. وحين نقارن بين الفترة التي عاشها الامام الخميني قدس الله سره وبين فترات اجداده (ص) وخاصة في محيطها العربي فاننا نرى ان الحياة الاجتماعية العربية وكأنها هي هي لم تتغير، وكأن حركة الزمن لا تمر عليها والحضارة العالمية لا تتفاعل معها  كما تفاعل العالم الاوروبي سابقا مع الحضارة الاسلامية؛ فالعصبية القبلية التي حاربها الاسلام ونبيه محمد (ص) لا تزال تُغذى من قبل حكام العرب العملاء ومرتزقتهم رؤساء العشائر من اجل ابقاء المجتمعات متخلفة لا يهمها الا العلف والاجترار، وهذا واضح في اغلب حكومات المجتمعات العربية التي لا تهتم الا بذاتها.
فإذا كان معاوية ويزيد وما قبلهما وبعدهما ممن حكموا تحت راية الاسلام ولكنهم اساءوا استخدام الحكم بالإنحراف عن التعاليم الاسلامية والمثل العليا وانحرفوا عن الشريعة الاسلامية بل حاربوها كما حارب اباؤهم واجدادهم النبي محمد (ص) نفسه اثناء الدعوة للاسلام وبكل الوسائل الدنيئة، وما نظام الشاه وكذلك نظام صدام وحليفهما النظام السعودي الا امتداد لحكومات وانظمة الامويين والعباسيين الذين مارسوا كل انواع الظلم والتعسف بحق الشعوب الاسلامية ومحبي آل بيت رسول الله بشكل خاص.
والحقيقة ان الصراع الايديولوجي ظهر منذ بداية الاسلام بين من يعمل لنصرة الفقراء وبين من يرى ان الحكم غنيمة كما قال ابو سفيان «تلاقفوها يابني امية». الا ان الحركات والثورات على من استأثروا بالحكم كانت مستمرة واكثرها بقيادة آل بيت النبي (ص) حتى مجيئ الثورة الاسلامية في ايران بقيادة زعيمها الامام الخميني طاب ثراه الذي يعتبر مفجر وقائد اكبر واهم ثورة في القرن العشرين التي لاتزال يزداد شموخها ومكانتها يوما بعد يوم.
وقد ذهب هنا من يقارن الامام الخميني ببعض المصلحين في العالم امثال مارتن لوثر وجمال الديني الافغاني ومحمد عبدو وغاندي والحقيقة ان الفارق كبير وان المقارنة غير موضوعية والمصلحون كثر، الا انهم لم يستطيعوا تغيير وجه التاريخ الذي سيطر عليه الاستعمار واليأس والخمول الى تاريخ ومسيرة مجتمع يناهض القوى الامبريالية والاستعمار وينادي بحقوقه علناَ ويقارع الطواغيت وعملاء الاستكبار، ويضع نظرية وايديولوجية لاتزال وستبقى منارا للمظلومين في احقاق حقوقهم والحفاظ على ثروات بلدانهم من نهب الاجنبي الغاشم والظالم، وستكون هذه النظرية السبب في بناء مجتمعاتهم وتطوير بلدانهم اقتصاديا وصناعيا والحفاظ على الموارد والخيرات الطبيعية التي منّ الله بها على شعوبهم من نفط وغاز وزراعة ومعادن.
ولم يقف مفجر الثورة الامام الخميني قدس الله سره عند هذا بل حول ايران الاسلام الى دولة تعتبر واحدة من الدول الصناعية المتقدمة، فهي تصدر من اصغر ما يحتاج اليه الانسان الى السيارات ومستلزمات البناء والعمران لدول الجوار بل للعالم،وها نحن نشاهد ونرى باعيننا كيف ان التطور في الجمهورية الاسلامية الايرانية جعلها في حاجة الى استخدام الطاقة النووية في المشاريع السلمية كمصدر للطاقة الكهربائية والامور السلمية، ولتأخذ بالجمهورية الاسلامية نحو التطور واللحاق بالتقدم العالمي الذي حرمت منه الشعوب الاسلامية نتيجة حكام العرب والمسلمين الذين اصبحوا وكلاء للإستعمار ومحاربة النهوض الاجتماعي بكل اشكاله الصناعية والاقتصادية بل وحتى الدينية والاخلاقية .
نعم جاء الامام الخميني بثورته العارمة ليدق ويدك حصون وعروش الملوك والحكام الذين جاءت بهم المخابرات الامريكية والصهيونية لبث روح الخذلان وادخال اليأس في قلوب المسلمين واصدقائهم وبأن الاسلام غير قادر بنهوض مجتمعاتهم الا ان الثورة الايرانية اثبتت العكس.
وها نحن اليوم نرى ان امريكا وحلفاءها قد اعدوا وجهزوا كل امكاناتهم لمجابهة هذا المارد الجبار الذي يسمى الصحوة الاسلامية التي اشعلت جذوتها ثورة الامام الخميني الجارفة لكل من يخون وطنه وشعبه ودينه، لقد زلزلت الثورة عرش الاستعمار واستنهضت الشعوب الخاملة الجاهلة التي هدرت حقوقها وتزعزعت عقيدتها نتيجة لسياسة الاستكبار العالمي ولكنها اليوم وبمؤازرة الثورة الاسلامية تطالب بالاصلاح والنهوض وتقاوم المنهج الاستعماري في المنطقة. لذا فقد تألبت كل قوى الشر من مخابرات عالمية ومحلية وحكام وملوك واقزام الإعلام الذين باعوا انفسهم ودينهم وعرضهم بمال سحت لمواجهة النهضة القادمة من الجمهورية الاسلامية التي قال عنها نبي الاسلام محمد (ص): «لو كانت العلوم في السماء لتناولتها ايادي من بلاد فارس».
وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى ان ما يجري في الجمهورية الاسلامية من تطور وازدهار هو نتيجة للنظرية التي رسمها الامام الخميني والايديولوجية التي وضعها لمستقبل العالم الاسلامي من اجل التطور والنهوض، وهو هنا يقول: «فاذا كان المقصود من مظاهر التمدن والتطور الاختراعات والابداع والصناعات المتطورة التي تساهم في تقدم المدنية الانسانية، فلا الاسلام ولا أي دين توحيدي رفض او سيرفض ذلك، بل ان الاسلام والقرآن المجيد يؤكدان ضرورة العلم والصناعة...». وفي نفس المجال يحذر الامام من الابتعاد عن شؤون الحكم وادارة الامور الدنيوية لان ذلك يؤدي الى فتح الباب امام الاستعماريين لنهب ثروات العالم، وهنا يقول البروفيسور جوزيف الدر(Joseph W.Elder )  استاذ العلوم الاجتماعية والثقافية في جامعة وسكونسن-مادسن في امريكا: «لقد حَرَم شاه ايران الشعب الايراني من نصف وارداته النفطية حيث وهب نصفها الى امريكا ليصبح مقربا من حكومات الغرب، ثم انضم الى حلف بغداد. وقد زودت امريكا والغرب الشاه في السبعينات بأحدث الاسلحة وعززت اقتصاده لاسناده وتقويته. ثم قام الشاه بابعاد الامام اية الله الخميني عن ايران... وهنا اصبح الامام الخميني صوت الجماهير الايرانية المعارضة لحكم الشاه والمرشد لها من داخل العراق دون ان يلين او يضعف بل انتقد الشاه والمقربين منه بالابتعاد عن الاسلام وتعاليمه. وكان اية الله الامام الخميني يؤكد بأن امريكا وراء الفساد في ايران . وان مئات الامريكيين وعوائلهم الذين يعيشون في ايران من مدراء للشركات والمستشارين وأصحاب الاختصاصات اخذوا لهم مساكن وبيوت في شمال طهران حيث الابنية الفاخرة والباهظة الثمن»....

المصدر: الوفاق

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
7 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.