مكن الضباب لهم زاد بلا ثمن

10:01 - 2021/03/16

إن الإله الذي ترسمه الوهابية يغاير تماما نصوص التنزيل التي تقول بأن الله سبحانه وتعالى لا ند له ولا نظير وليس كمثله شيء، كما يخالف إجماع المسلمين في تنزيهه عن المادة والجسم. انهم حفنة من الأميين يتطفلون على الاسلام والمسلمين.

اله الوهابية,السلفية,الوهابية

يجمد الوهابيون على ظاهر نصوص الكتاب و السنة في صفات الله سبحانه، و لم يجيزوا تفسير الظواهر و تأويلها بغير ما دلت عليه الصورة الحرفية، بل يعدون التأويل كفرا، لأنه كذب على الله و الرسول، و يرون تنزيه الله باثبات اليد له و الرجل، و الكف و الاصابع، و النفس و الوجه، و العين و السمع، و الجلوس و الوقوف، و الضحك و التكلم، و الوجود في السماء، و ما إلى هذه من الصفات التي وصف الله بها نفسه، او جاءت على لسان نبيه من غير زيادة و لا نقصان، و لا تأويل بما يخالف ظاهرها، و لا تشبيه بصفات المخلوقين.
و استدلوا على اليدين بقوله تعالى: «بَلْ‌ يَدٰاهُ‌ مَبْسُوطَتٰانِ‌»[1] و على العينين او العيون: «وَ اصْنَعِ‌ الْفُلْكَ‌ بِأَعْيُنِنٰا»[2] و على الجلوس: «ثُمَّ‌ اسْتَوىٰ‌ عَلَى الْعَرْشِ‌»[3] و على الوجود في السماء: «أَ أَمِنْتُمْ‌ مَنْ‌ فِي السَّمٰاءِ»[4] و على الوجه: «فَثَمَّ‌ وَجْهُ‌ اللّٰهِ‌»[5] و على السمع و العين: «هُوَ السَّمِيعُ‌ الْبَصِيرُ»[6] و على النظر اليه: «وُجُوهٌ‌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ‌ إِلىٰ‌ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ‌»[7] و على السير و المجيء: «وَ جٰاءَ رَبُّكَ‌ وَ الْمَلَكُ‌ صَفًّا صَفًّا»[8] و على النفس «تَعْلَمُ‌ مٰا فِي نَفْسِي وَ لاٰ أَعْلَمُ‌ مٰا فِي نَفْسِكَ‌»[9] و على الضحك بالحديث: «ان الله ضحك الى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة.. و ايضاً قد ضحك حين دخل آخر رجل الى الجنة، فقال له الرجل: أ تسخر بي، و أنت رب العالمين‌؟!»[10] و استدلوا على الرجل: «لا تزال جهنم يلقى فيها، و هي تقول: هل من مزيد؟. حتى يضع رب العزة فيها رجله، فينزوي بعضها الى بعض، و تقول: قط‍‌ قط‍‌».[11]
و استدلوا على وجود الاصابع: «ان الله جعل السموات على اصبع من اصابعه، و الأرض على اصبع، و الشجر على اصبع، و الثرى على اصبع، و سائر الخلق على اصبع.. ثمّ‌ اعتز الله و افتخر، و قال: انا الملك، انا لله. اين الجبارون‌؟ اين المتكبرون‌؟. فالله يحمل السموات السبع و الأرضين السبع في يده، و هي فيها كحبة خردل في يد احدنا، و هذا معنى قوله تعالى: « وَ الْأَرْضُ‌ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ‌ يَوْمَ‌ الْقِيٰامَةِ‌».[12]
و يلاحظ‍‌ اولاً: ان المعروف من طريقة العرب انهم يستعملون الألفاظ‍‌ في معانيها المجازية أكثر مما يستعملونها في المعاني الحقيقية، و من المعلوم بالبديهية ان الكتاب و السنة منزلان على كلام العرب و طريقتهم في الخطابات و المحاورات: «انا انزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون».[13] و اذا أبقينا جميع ألفاظ‍‌ الكتاب على ظاهرها فبما ذا نفسر قوله تعالى: «وَ سْئَلِ‌ الْقَرْيَةَ‌ الَّتِي كُنّٰا فِيهٰا وَ الْعِيرَ»[14] و قوله: «وَ سْئَلْ‌ مَنْ‌ أَرْسَلْنٰا مِنْ‌ قَبْلِكَ‌ مِنْ‌ رُسُلِنٰا»[15] هل نفسره بأن المطلوب توجيه السؤال الى الحيوان و الاحجار و الأموات‌؟! و اذا ساغ لنا تفسير هذه الآية تبعاً للواقع بالمعاني المجازية التي لم تدل عليها الصورة اللفظية، و الدلالة المطابقية جاز ذلك في غيرها نبعاً للواقع، و الفرق تحكّم، و ما أوسع هذا الباب و أكثر هذا النوع في كلام الله و رسوله.
ثانياً: ان الوهابية و من اليهم وقعوا في أشد مما فروا منه، لقد فروا من التأويل، فوقعوا في الاسراف و التعسف، و هربوا من القول بالرأي إلى القول بالجهل، و الرجم بالغيب. ذلك انهم زعموا ان يد الله و كفه، و عينه و اذنه الخ لا تشبه أعضاءنا هذه في شيء فراراً من مشكلة التشبيه، و بديهة ان اليد ظاهرة في هذا العضو المعروف، و هو لا ينفك عن المادة بحال، و كذلك العين و السمع، و ما اليهما، فان ابقينا اللفظ‍‌ على ظاهره يلزم ان يكون الله جسماً، كسائر الأجسام، و هم لا يلتزمون به، و إن صرفناه الى غير هذه اليد و العين و السمع يلزم التأويل، و قد فروا منه، و إن حملناه على معنى مجهول عند السامع و المخاطب، و ذلك بأن تكون له يد لا كالايدي، و عين لا كالأعين على حد تعبيرهم وقعوا في التعسف، و هو أشد سوءً من التأويل، و بكلمة ان ابقوا اللفظ‍‌ على ظاهره جاءت مشكلة التجسيم، و ان حملوه على معنى مجهول جاء التعسف.
فيتعين تأويل اللفظ‍‌ تأويلاً معقولاً بحمله على معنى يتلاءم مع جلال الله و عظمته على ان تتحمله الصورة اللفظية، و لا يأباه الذوق السليم، كحمل اليد على القدرة، لانها مظهر لها، و السمع و البصر على العلم، لانهما سبيلان اليه، و حمل الوجه على الظهور، لانه المعنى البارز، و الاستواء على الاستيلاء، و رؤية الله على رؤيته بالبصيرة لا بالبصر، لأن كلا منهما طريق إلى المعرفة، الى آخر ما ذكره المفسرون و علماء المعاني و البيان.
فذلكة الكلام أنه لا يجوز تفسير القرآن لكل من هب ودب لأن فهمه بحاجة إلى تحصيل مقدمات كثيرة منها المعاني والبيان ولنعم ما قاله المتنبي كأنه يصف الوهابية الأمية لا تمتلك إلا الوحشية فلله دره وعلى الله أجره:
خُرّابِ بادِيَةٍ غَرْثَى بُطُونُهُمُ * مَكْنُ الضِّبابِ لهمْ زادٌ بلا ثَمَنِ

المصادر:
[1] . المائدة: 64.
[2] . هود: 37.
[3] . الأعراف: 54.
[4] . الملك: 16.
[5] . البقرة: 115.
[6] . البقرة: 137.
[7] . القيامة: 22-23.
[8] . الفجر: 22.
[9] . المائدة: 116.
[10] . الايمان، ابن تيمية، ص 230.
[11] . الرسالة الواسطية الموجودة في كتاب الرسائل التسع، ابن تيمية، ص 136.
[12] . آخر كتاب التوحيد، محمد بن عبد الوهاب.
[13] . يوسف: 2.
[14] . یوسف: 82.
[15] . الزخرف: 45

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.