تشبيه رائع للسماء

11:29 - 2016/03/14

الملخص: لو أمعنّا النظر في الدور الحياتي الأساس الذي تؤديه هذه الطبقة الهوائية لفهمنا مدى استحكام هذا السقف و أهميته لصيانة البشر. هذه الطبقة الهوائية مثل سقف شفّاف يحيط بكرتنا الأرضية من كل جانب، و قدرة استحكامه تفوق قدرة أضخم السدود الفولاذية، على الرغم من أنه لا يمنع وصول أشعة الشمس الحيوية الحياتية إلى الأرض.

بناء، سماء، الارض

تتعرض الآية (البقرة، 22) إلى نعمة السماء فتقول: وَ السَّماءَ بِناءً.

كلمة «سماء» وردت في القرآن بمعان مختلفة، و كلها تشير إلى العلو، و اقتران كلمة «سماء» مع «بناء» يوحي بوجود سقف يعلو البشر على ظهر هذه الأرض. بل إنّ القرآن صرّح بكلمة «سقف» في بيان حال السماء إذ قال: وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً (الأنبياء، 32).
لعل هذا التعبير القرآني يثير استغراب أولئك الذين يفهمون موقع الأرض في الفضاء، فيتساءلون عن هذا السقف ... عن مكانه و كيفيته. و لعل هذا التعبير يعيد- بادئ الرأي- إلى الأذهان فرضية بطليموس التي تصور الكون على أنه طبقات من الأفلاك متراكمة بعضها فوق بعض مثل طبقات قشور البطل!! من هنا لا بدّ من توضيح لمفهوم السماء و البناء و السقف في التعبيرات القرآنية.
ذكرنا أن سماء كل شي‏ء أعلاه، و أحد معاني السماء «جوّ الأرض»، و هو المقصود في الآية الكريمة. و جوّ الأرض هو الطبقة الهوائية الكثيفة المحيطة بالكرة الأرضية، و يبلغ سمكها عدّة مئات من الكيلومترات.
لو أمعنّا النظر في الدور الحياتي الأساس الذي تؤديه هذه الطبقة الهوائية لفهمنا مدى استحكام هذا السقف و أهميته لصيانة البشر. هذه الطبقة الهوائية مثل سقف شفّاف يحيط بكرتنا الأرضية من كل جانب، و قدرة استحكامه تفوق قدرة أضخم السدود الفولاذية، على الرغم من أنه لا يمنع وصول أشعة الشمس الحيوية الحياتية إلى الأرض.
لو لم يكن هذا السقف لتعرضت الأرض دوما إلى رشق الشهب و النيازك السماوية المتناثرة، و لما كان للبشر أمان و لا استقرار على ظهر هذا الكوكب، و هذه الطبقة الهوائية التي يبلغ سمكها عدّة مئات من الكيومترات «1» تعمل على إبادة كل الصخور المتجهة إلى الكرة الأرضية، و قليل جدا من هذه الصخور تستطيع أن تخترق هذا الحاجز و تصل الأرض لتنذر أهل الأرض دون أن تعكّر صفو حياتهم.
من الشواهد الدالة على أن أحد معاني السماء هو «جو الأرض» حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام يتحدث فيه إلى «المفضّل» عن السماء فيقول: «فكّر في لون السّماء و ما فيه من صواب التّدبير، فإنّ هذا اللّون أشدّ الألوان موافقة للبصر و تقوية ...» «2». و من الواضح أن زرقة السماء ليست إلّا لون الهواء الكثيف المحيط بالأرض. و لهذا فإن المقصود بالسماء في هذا الحديث هو جوّ الأرض نفسه.
1. تذكر كثير من الكتب أن سمك الجوّ المحيط بالأرض يبلغ مائة كيلومتر، و يبدو أن المقصود بهذا السمك هو الطبقة الجوية الكثيفة، لأن العلم الحديث أثبت أن الهواء موجود بشكل رقيق متباعد الجزئيات على بعد مئات الكيلومترات.
2. بحار الأنوار، ط الجديد، ج 3، ص 111

المصدر: «الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل»، مکارم شیرازی، ناصر، قم، الطبعة الاولى، 1421ق، ج‏1، ص: 113

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.