دور الامامة في بناء الحياة

10:24 - 2021/07/27

مسألة الإمامة هي التي تحدّد مسار الإنسان و اتّجاهه في هذه الحياة و على أساس هذا التحديد، و المعرفة و الإعتراف يتحدّد مصيره، و يرسم مستقبله، و بذلك تقوم حياته، فيكون سعيدا أو شقيا، في خطّ الإسلام‌ و هداه، أو في متاهات الجاهلية.

عيد الغدير,الغدير,الامام علي

و ليس من الغريب القول بأن قضية الإمامة و الموقف منها هو الذي يحدّد مسار الإنسان و اتّجاهه في هذه الحياة و على أساس هذا التحديد، و المعرفة و الإعتراف يتحدّد مصيره، و يرسم مستقبله، و بذلك تقوم حياته، فيكون سعيدا أو شقيا، في خطّ الإسلام‌ و هداه، أو في متاهات الجاهلية و ظلماتها كما أشير إليه في الحديث الشريف:د«من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» أو ما بمعناه‌[1].
فعلى أساس الإعتقاد بالإمامة يجسّد الإنسان على صعيد الواقع، و العمل، مفهوم الأسوة و القدوة، الذي هو حالة طبيعية، يقوم عليها- من حيث يشعر أو لا يشعر- بناء وجوده و تكوين شخصيّته، منذ طفولته. و على أساس هذا الإعتقاد، و ذلك الموقف- أيضا- يختار أهدافه، و يختار السبل التي يرى أنّها توصله إليها.
كما أنّ لذلك تأثيره الكبير في تكوينه النفسي، و الروحي، و التربوي، و في حصوله على خصائصه الإنسانية و في حفاظه على ما لديه منها. و الإمامة هي التي تبيّن له الحقّ من الباطل، و الحسن من القبيح، و الضارّ من النافع. و على أساس الالتزام بخطّها يرتبط بهذا الإنسان أو بذاك، و يتعاون معه، و يتكامل، أو لا يفعل ذلك‌ كما أنّها هي التي تقدّم للإنسان المعايير و النظم، و المنطلقات التي لا بدّ أن يلتزم بها، و ينطلق منها، و يتعامل و يتّخذ المواقف- إحجاما أو إقداما- على أساسها.
أضف إلى ذلك أنّها تتدخّل في حياته الخاصة، و في ثقافته، و في أسلوبه و في كيفية تفكيره. و من الإمام يأخذ معالم الدين و تفسير القرآن، و خصائص العقائد و دقائق المعارف. و هذا بالذات هو السرّ في أنّنا نجد إنسانا يأخذ معالم دينه من شخص دون آخر، و يجعل هذا أسوته و قدوته دون ذاك.
إذن .. فموضوع الغدير، و نصب الإمام للناس، و تعريفهم به، لا يمكن أن يكون على حدّ تنصيب خليفة، أو حاكم، أو ما إلى ذلك، بل الأمر أكبر و أخطر من ذلك .. كما أنّه ليس حدثا عابرا فرضته بعض الظروف، لا يلبث أن ينتهي و يتلاشى تبعا لتلاشي و انتهاء الظروف التي فرضته أو أوجدته، و ليصبح في جملة ما يحتضنه التاريخ من أحداث كبيرة، و صغيرة، لا يختلف عنها في شي‌ء، و لا أثر له في الحياة الحاضرة إلّا بمقدار ما يبعثه من زهو، و اعتزاز، أو يتركه من مرارة و أ لم على مستوى المشاعر و الانفعالات لا أكثر.
بل أمر الإمامة، هو الذي يمس في الصميم حقيقة هذا الإنسان، و مصيره و مستقبله، و دنياه و آخرته، و يؤثّر في مختلف جهات وجوده و حياته. و معنى ذلك هو أنّه لا بدّ من حسم الموقف في هذا الأمر ليكون الإنسان على بصيرة من أمره فلا يموت ميتة جاهلية. كما تقدم عن الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
و اشتراط الحديث الشريف تحصيل معرفة الإمام في النجاة من الهلكة و ذلك في صيغة عامّة تشمل كلّ إنسان حتى و لو لم يكن يعتنق الإسلام، حيث قال: «من مات و لم يعرف إمام زمانه ...» و لم يقل: إذا مات المسلم و لم ... إنّ هذا الإشتراط يوضّح لنا: أنّ تجاهل قضية الإمامة، و عدم حسم الأمر في موضوع الأسوة و القدرة يساوي رفضها، و إبعادها عن محيط الحياة و الإنسان في كونه يوجب الميتة الجاهلية، و يترك آثاره السلبية المهلكة و المبيدة، على مجمل حياة هذا الكائن و على مستقبله و مصيره، في الدنيا و الآخرة.
و ممّا يدلّ على ذلك، و يثبته و يؤكده: أنّه تعالى قد اعتبر عدم إبلاغ أمر الإمامة إلى الناس، يساوي عدم إبلاغ الرسالة نفسها من الأساس، و ذلك يعني: أنّه لا يمكن التسامح فيها و لا المحاباة، و لا مجال لإبعادها و تعطيلها لأنّ ذلك يعني إبعاد الدين و تعطيله، و منعه من أن يكون هو سيّد الموقف، و صاحب القرار في حياة الإنسان، و في مجمل مواقفه.
و بعد أن عرفنا: أنّ القضية ليست قضية شخص، و إنّما هي قضية الرسالة، أن تكون، أو لا تكون؛ حتى لقد قال تعالى، مخاطبا نبيه (صلّى اللّه عليه و آله)، في مجال الحثّ على حسم أمر الإمامة «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ»[2]‌ بعد أن عرفنا ذلك .. فإنّ المنع من إبلاغ الرسالة و الإمامة معناه حرمان الإنسان من الهداية الإلهية، و الرعاية الربّانية، و ليس هناك جريمة أعظم و لا أخطر من ذلك.[3]

المصادر:
[1] . راجع: الغدير ج 1، ص 390 عن التفتازاني في شرح المقاصد ج 2، ص 275، و كنز الكراجكي: ص 151، و المناقب لإبن شهر آشوب ج 3، ص 217، و مجمع الزوائد ج 5، ص 224 و 225 و 219 و 218، و مسند أحمد ج 4، ص 96، و البحار ج 23، ص 92 و 88 و 80 و 89 و في هوامشه عن الإختصاص: 269، و عن إكمال الدين: ص 230 و 231، و عن عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ص 219، و منتخب الأثر: ص 15 عن الجمع بين الصحيحين و الحاكم.
[2] . المائدة: 67.
[3] . الغدير و المعارضون، السيد جعفر مرتضى العاملي، ص22.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
17 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.