مكانة العلم

12:39 - 2016/01/29

الملخص: روي عن رسول الله (ص) أنّه قال: «نوم مع علم خير من صلاة مع جهل».هذه الرواية من الروايات التي يجدر الوقوف عندها والتأمّل فيها. إنّ نوم العالِم ليس تركاً محضاً بل هو مقدّمة وجود؛ لأنّ العالِم إذا نام استراح، واستراحته هذه تمثّل مقدّمة للخدمة والهداية وإرشاد الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور. فنوم العالِم حسنة إذاً. أمّا الجاهل فإن لم يصلّ الصلاة الواجبة فتلك سيّئة، وإذا صلّاها مع الجهل بها، يكون قد أذهب فضلها. حينها يستوي في ذلك مع من لم يأت بها.

علم، جهل، اهمية

روي عن رسول الله (ص) أنّه قال: «نوم مع علم خير من صلاة مع جهل».[1] هذه الرواية من الروايات التي يجدر الوقوف عندها والتأمّل فيها. وذلك لأنّ الهدف من خلق الإنسان هو العبادة؛ قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ‏[2]، والصلاة رأس كلّ العبادات وأهمّها، بل هي العبادة التي‏ «إن قُبلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت ردّ ما سواها»،[3] فالطاعات والعبادات جميعها مرهونة بمدى قبول الصلاة أو ردّها، ومع ذلك نرى النبيّ (ص)- الذي به عُرفت الصلاة وحقائق العبادة، وكان منطقه منطق القرآن والوحي، وحكمه الحقّ- يخبرنا أنّ نوم العالِم خير من الصلاة- وهي أهمّ الطاعات والعبادات- إن كانت مع جهل‏[4]. فكيف يكون ذلك؟
إنّ نوم العالِم ليس تركاً محضاً بل هو مقدّمة وجود؛ لأنّ العالِم إذا نام استراح، واستراحته هذه تمثّل مقدّمة للخدمة والهداية وإرشاد الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور. فنوم العالِم حسنة إذاً. أمّا الجاهل فإن لم يصلّ الصلاة الواجبة فتلك سيّئة، وإذا صلّاها مع الجهل بها، يكون قد أذهب فضلها. حينها يستوي في ذلك مع من لم يأت بها.
صحيح أنّ القاصر لا شي‏ء عليه، لأنّ من أصول الإسلام العدل، والله سبحانه وتعالى عادل، ومن عدله أن لا يعذّب القاصر، فمن وُلد في مكان أو زمان أو ظرف بحيث كان قاصراً على الإحاطة بأيّ خطاب أو بلاغ، لا يُعذَّب ولا يُعاقَب ولا تكتب له سيّئة، إلّا أنّ القاصر يستوي مع المقصّر من حيث الحرمان من ثمار الواجب الذي أُمرَ به المكلف. لذا فنوم العالِم أفضل من صلاة الجاهل سواء كان قاصراً أو مقصراً؛ لغياب الثمرة من صلاتهما.أمّا الجاهل المقصّر فقد ذهب المحقّقون الأعاظم من الفقهاء والأصوليين إلى أنّ حكمه حكم العالِم العامد خطاباً وعقاباً. فكما أنّ العالِم العامد- أي الذي يعمل عملًا ويعلم أنّه حرام- قد توجّه الخطاب إليه أمراً ونهياً، فكذلك الجاهل المقصّر يتوجّه إليه الخطاب، ويستحقّ العقاب على المخالفة، دون أن يكون فيه إشكال عقلًا.
قد لا يوجد في صفوف أهل العلم جاهل قاصر، فإنّه لا يُقصد بالجاهل المقصّر مَن كان مستواه الدراسي أدنى أو كانت معلوماته أقلّ، بقدر ما ينطبق‏ هذا الوصف على طالب العلم الذي يجهل بعض أحكام الله تعالى بسبب تقاعسه، فيعمل الحرام وهو لا يعلم- تقصيراً منه- أنّ عمله هذا حرام، وكان بمقدوره أن يعلم أنّه حرام فيجتنب عنه.
فمادام المؤمن باذلًا عمره في سبيل الله سبحانه وتعالى، منفقاً وقته وساعاته ودقائق‏ حياته في طاعة الله، مصلّياً أو صائماً أو حاجّاً أو معتكفاً أو قارئاً للقرآن، فليخصّص حظّاً منه للعلم، وأعني به العلم بأصول الدين وأحكام الإسلام وأخلاقه وآدابه.
[1] بحار الأنوار: ج 1 ص 185 باب 1، فرض العلم ...، ح 102.
[2] سورة الذاريات، الآية: 56.
[3] فلاح السائل لابن طاووس: ص 127.
[4] حقّاً لو أنّ هذا التعبير لم يرد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلى لسانه، لما أمكن لأيّ عالِم- غير أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم- أن يتفوّه بمثله أبداً؛ إذ كيف يكون النوم- مع أنّ النائم لا يعمل شيئاً- خيراً من الصلاة، وهي رأس العبادات وأهمّها؟ نعم، لو كانت الصلاة باطلة، كان عدمها خيراً من وجودها، والنوم تركٌ أي عدم، ولكنّ الحديث لم يقيّدها بالبطلان أو عدم القبول وما أشبه، بل فضّل النوم إن كان مع علم، على مطلق الصلاة- صحيحة أو باطلة- إذا كانت مع جهل.

 المصدر: العلم النافع سبيل النجاة، ص9، ياس زهراء(ع) - قم، الطبعة الاولى، 1429ق.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 16 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.