حبيب بن مظاهر ... وفاء وتضحية

تشرف حبيب بن مظاهر الأسدي بخدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسمع الحديث منه، فهو صحابي، وعمَّر حتى استشهد مع الإمام  الحسين عليه السلام،[1] قال السيد محسن الأمين: حبیب رجل ذو جمال وکمال، وفی یوم وقعة کربلاء کان عمره 75 سنة، وکان یحفظ القرآن کله.[2]

وبعد رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله، لازم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام، مع نخبة من المؤمنين، ینهل من أدبه، وعلومه، سالکا منهجه، ومرابطا له فی حروبه كلها، عاکفا علی ولائه، وکان أحد شرطة الخمیس.[3]

إن الدروس التربویة التی استفادها من أمیر المؤمنین علیه السلام في الفترة التی عاش فیها بقربه، فی سلمه، وترسخت فی قلب حبیب بن مظاهر الأسدی، أنتجت السخاء والكرم والشجاعة والوفاء بالوعد والعهد والإيثار والحلم والصبر والثبات عند الهزائز والإباء والصدق وحسن النية.

حبيب بن مظاهر في الكوفة

كان حبيب بن مظاهر ممن كاتب الإمام الحسين عليه السلام،[4] فهو جلیل القدر عظیم الشأن، قائد شجاع، مشکور السیرة، ولما وصل مسلم بن عقیل إلی الکوفة، لازمه حبیب مع کبار قادة ورجالات الکوفة، وخرج من الكوفة بعد شهادة مسلم بن عقيل إلی کربلاء، مقدما نفسه قربانا لله مع الإمام الحسین علیه السلام.

لقد دافع حبيب بن مظاهر عن كتاب الله القرآن الكريم وعن القرآن الناطق الإمام الحسين عليه السلام، فكان من أخلص المجاهدين مع أبي عبد الله عليه السلام وأشدهم مواساةً.[5] فهو ذو شيمة وغيرة كما ورد ذلك في نص الإمام الحسين عليه السلام له.[6]

وقد مزح حبيب بن مظاهر الأسدی في یوم العاشر، فقال له بریر بن خضیر الهمدانی: یا أخی لیس هذه بساعة ضحک، قال حبيب: فأی موضع أحق من هذا بالسرور، والله ما هو إلا أن تمیل علینا هذه الطغام بسیوفهم فنعانق الحور العین.[7]

ولما صُرع مسلم بن عوسجة، وقف عليه حبيب بن مظاهر وقال له:  لولا أنی أعلم إنی فی الأثر من ساعتی هذه، لأحببت أن توصینی بکل ما أهمک، فقال له مسلم فإنی أوصیک بهذا، وأشار إلی الحسین علیه السلام، فقاتل دونه حتی تموت، فقال له حبیب: لأنعمنک عینا.

المصادر:

[1] . الاصابة، ابن حجر، ج2، ص142.

[2] . أعيان الشيعة، محسن الأمين، ج4، ص554.

[3] . مشاهیر شعراء الشیعة، عبد الحسین الشبستری، ص 325 – 326.

[4] . أبصار العین فی أنصار الحسین علیه السلام، الشیخ محمد السماوی، ص 100 - 101.

[5] . القمر الزاهر، الکربلائی، ص 11 - 12.

[6] . المصدر السابق، ص 21.

[7] . عوالم العلوم ، الشیخ عبد الله البحرانی، ص 334.