-شهر رمضان شهر الخيرات، شهر يقف فيه الإنسان مع نفسه متدبراً متأملاً، لأن فيه تتضاعف الحسنات، وتمحى السيئات.
قراءة القرآن: في هذا الشهر العظيم فرصةٌ كبرى يحصل بها الانسان على مغفرة اللَّه تعالى، لأنّ " الشقي من حرم غفران اللَّه في هذا الشهر العظيم "[1]
إن الإنسان يمتنع في هذا الشهر الكريم عن الطعام والشراب وبقية الشهوات التي يلتصق بها يومياً، وبهذا يكون قد تخلص من تلك الإنشدادات مما يعطيه فرصة للانتباه نحو ذاته ونفسه، وتأتي تلك الأجواء الروحية التي تحث عليها التعاليم الإسلامية لتحسّن من فرص الاستفادة من هذا الشهر الكريم.
إن قراءة القرآن في هذا الشهر الكريم، قد ورد الحث عليها أكثر، فهو شهر القرآن يقول تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ"[2] وفي الحديث الشريف:" لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان"[3] كما ورد أن "من تلا فيه آية كان له مثل من ختم القران في غيره من الشهور"[4].
لا خير في قراءة ليس فيها تدبر
هذه القراءة إنما يستفيد منها الإنسان وتخدمه بشرط التدبر في تلاوة القرآن والاهتمام بفهم معانيه، والنظر في مدى الالتزام بأوامر القران ونواهيه.
فقد روي عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: "لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، تدبروا آيات القران واعتبروا به فإنه ابلغ العبر"[5]
إن الاجتماع في شهر رمضان وقراءة الختمات عادة جيدة، لكن ينبغي أن لا يكون الهدف طي الصفحات دون استفادة أو تمعن.
وإذا ما قرأ الإنسان آية من الذكر الحكيم فينبغي أن يقف متسائلاً عن موقعه مما تقوله تلك الآية، ليفسح لها المجال للتأثير في قلبه، وللتغيير في سلوكه، ورد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال:" إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: يا رسول اللَّه فما جلاؤها؟ قال: تلاوة القران"[6]
فاذا أمعن في الآيات ومقاصدها فإنه يعالج بذلك أمراض نفسه وثغرات شخصيته فالقران "شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ"[7]
أيضا مما يحبذ في هذا الشهر الكريم، قراءة الأدعية المأثورة، كدعاء الافتتاح ودعاء السحر، وكلها كنوز تربوية روحية، تبعث في الإنسان روح الجرأة على مصارحة ذاته، ومكاشفة نفسه، وتشحذ همته للتغير والتوبة عن الذنوب والأخطاء. كما تؤكد في نفسه عظمة الخالق وخطورة المصير، وتجعله أمام حقائق وجوده دون حجاب.
المصادر:
[1] . ميزان الحكمة،ج ٢،ص ١١١٨.
[2] . سورة البقرة، الآية 185.
[3] . الكافي،ج ۲ ص ۶۳۰ ح ۱۰، بحار الأنوار، ج ۹۶ ص ۳۸۶ ح ۱.
[4] . أمالی الصدوق، ص 95.
[5] . الكافي ،ج ١،ص ٣٦.
[6] . كنز العمال،ج 1،ص 545.
[7] . سورة يونس، الآية 57.