الإسلام الأصيل في مكة!

يقول خبير وهابي في الشبكة الفضائية بقصد الطعن بالشيعة والمسلمين في إيران: أن "أصل الإسلام في مكة " ورسول الله لم يُبعث في قم ولا في جماران، بل بُعث في مكة، فمكة والمدينة هي مهد الإسلام، وأنتم الإيرانيون لا تستطيعون أن تدّعوا الإسلام، إنها معجزة إلهية أن يكون زمام الحكومة في هذه البلاد بيد من يحافظ على التوحيد ويحارب الشرك والخرافات. ومثال الإيرانيين الذين يزعمون أن لديهم الإسلام النقي، كما لو أن أهل جيبوتي وزيمبابوي زعموا أن اللغة الفارسية الأصيلة هي في أيدينا وأن مهد الفارسية موجود هنا وأن الأدب الموجود في إيران عديم الفائدة وليس له جذور.

وجواب هذه الترهات الخدّاعة وغير المنطقية، يكون بذكر آيات من القرآن، كقوله الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"[1]

وتعقيباً على هذه الآية الكريمة ذكر بعض المفسرين أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ضرب يده على عاتق سلمان الفارسي عندما نزلت هذه الآية وقال: "هذا، وذووه" ثم قال: "لو كان الدين معلقًا بالثريا لناله رجال من أبناء فارس".[2]

كذلك ورد في الآية روايات أخرى تعتبر أن مصداق الآية هم الأنصار أو أهل اليمن وأهل أبي موسى الأشعري.[3] وبناء على هذا فمكة المكرمة لكونها أقدس بلد عند المسلمين، ولظهور الإسلام فيها، وبسبب وجود الكعبة فيها، ولكونها قبلة المسلمين، لا يكون هذا دليلا على أن الإسلام الأصيل سيظل موجودًا دائمًا هناك، ولا يستطيع المسلمون في الأماكن الأخرى أن يدعوا الإسلام الأصيل، بل يجب على من زعم هذا أن يثبت ذلك بالدليل، ولا يكتفي بإدعاء أن إسلام الفرد غير مقبول لأنه لم يكن في مهد الإسلام.

إسلام مكة والآيات الأخرى

أيضا آيات أخرى تقول بنفس المضمون، منها قوله تعالى: "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ"[4] ويروي الألوسي أسفل هذه الآية أن الرسول صلى الله عليه وآله "تلا هذه الآية وَإِنْ تَتَوَلَّوْا إلخ فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونون أمثالنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال: هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا ‌بالثريا لتناوله رجال من فارس.[5]

أيضا نقرء في التاريخ أن الإسلام بدأ من مكة، ووصل إلى كماله في المدينة لمّا أنشأت الحكومة الإسلامية في هذه المدينة، وبعد فترة انتقل مركز الحكومة من هذه المدينة الى الكوفة والشام والعراق.

 لذلك فإن قول القائل بأن مكة والمدينة لكونهما مهد الإسلام، فلا يستطيع الآخرون أن يدعوا الإسلام الأصيل غير صحيح. بل يجب إثبات معتقدات المسلمين بالأدلة الصحيحة من الآيات والروايات وليس بالتعبيرات الانفعالية.[6]

المصادر:

[1] . سورة المائدة، الآية 54.

[2] . تفسير الكشف والبيان عن تفسير القرآن، الثعلبي، ط دار التفسير، ج 11، ص 384.

[3] . المصدر، ج 11، ص383.

[4] . سورة محمد، الآية 38.

[5] . تفسير روح المعاني، الآلوسي، ج 13، ص236.

[6] . مصدر المقال: https://www.adyannet.com/fa/news/42415