مدى علم الإمام الجواد

12:57 - 2023/06/18

-إن إمامة أهل البيت عليهم السلام هي ذلك الامتداد الحي لمسيرة النبوة، في قيادتها الإلهية للأمة نحو هدفها الأسمى.

إذا كانت الإمامة المعين الذي لا ينضب للفكر الإسلامي الأصيل، الذي لا بد وأن يمد الأمة بالري والحياة، ويستمد عذوبته وصفاءه من القرآن الكريم مباشرة، ومن النبي صلى الله عليه وآله، فإن من الطبيعي أن تكون بحاجة للإعلان ممن له الحق، والأهلية لتحمل مسؤولياتها الجسام.

ومن الطبيعي أن يكون صرح الإمامة قائماً على ركنين أساسين، بحيث لو فقد أي منهما، فإن الإمامة تفقد مضمونها من الأساس، والركنان هما النص والعلم الخاص الذي اختُصَّ به الأئمة عن النبي صلى الله عليه وآله. 

ومن أجل ذلك نجد أئمة يهتمون بإبراز تلكم الأمور في المناسبات المختلفة، ولا يثنيهم عن ذلك احتمالات المشاق والأخطار.

فقد استشهد أمير المؤمنين عليه السلام بالصحابة لحديث الغدير، في رحبة الكوفة وفي صفين ويوم الشورى ويوم الجمل، حيث كان يشهد له به عدد كبير من الصحابة والبدريين. كما أن الإمام الحسين عليه السلام قد جمع الصحابة في منى، وذكّرهم بفضائل أبيه، وبحديث الغدير، وأفاعيل معاوية [1]

وقد حاول خصوم أهل البيت عليهم السلام دفع النص في علي عليه السلام وولده بتأويله أو تخريجه بوجود بعيدة يأباها الطبع، مثل حديث يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، فقد صرح السيوطي بأن عبارة :" يكون خلفي اثنا عشر خليفة " مجمع على صحتها ، وواردة من طرق عدة.[2] والحديث لا يمكن أن يحمل على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر، ولظلمهم الفاحش ولكونهم غير بني هاشم، كما لا يمكن حمله على الملوك العباسية، لزيادتهم على العدد المذكور، ولقلة رعايتهم الآية" قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى".[3]

الإمامة

إثبات الإمامة بالعلم

وإذا لج الخصوم بالتكذيب والجحود لإثبات الإمامة، فقد تمس الحاجة الى إثباتها عن طريق إظهار جانب العلوم الخاصة بهم عليهم السلام لتكون بمثابة شاهد صدق على صحة ذلك النص وواقعيته، وهنا يكمن السر الحقيقي وراء إصرار الحكام والخصوم على اغتيال الإمامة، عن طريق إفراغها من محتواها الفكري والعلمي. حتى إذا فشلوا في ذلك، اتجهوا نحو أسلوب اغتيال شخصية الإمام عن طريق التزوير، والإشاعات الكاذبة، وتلفيق التهم الباطلة، فإن فشلوا في ذلك أيضاً اعتمدوا أسلوب التصفية الجسدية علناً تارة، وبالخفاء أخرى.

ولعل أقرب مثال هذا، هو تلك الطريقة التي تعامل بها المأمون مع الإمام الرضا عليه السلام ومع الإمام الجواد عليه السلام، حيث اضطر أولاً للبيعة للإمام الرضا عليه السلام بولاية العهد بعده، ثم حاول اغتيال الإمامة بأسلوبه الخاص، ولما فشل هذا الأسلوب، كان له ولأخيه المعتصم من بعده موقف آخر. 

فقد قال ابن أبي داود للمعتصم حينما رجع إلى قول الإمام الجواد عليه السلام في مسألة قطع يد السارق، وترك أقوال الفقهاء الآخرين . . " ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته ويدّعون أنه أولى بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ ! قال: فتغير لونه، وانتبه لما نبهتُهُ له" ثم تذكر الرواية: أن المعصتم قد دس إليه السم في اليوم الرابع.[4]

المصادر:

[1] . الغدير، عبد الحسين الأميني، ج 1، ص 159-213.

[2] .تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص 61.

[3] . سورة الشورى، الآية 23.

[4] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج 50، ص 6-7.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
7 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.