ما أقل الصوّام و أكثر الجوّاع!

20:34 - 2016/06/14

الملخص: الهدف الأسمى من كثير من الشعائر الدينية و منها الصيام التقوى و هي جعل النفس في وقاية مما يخاف. بعبارة أخرى التقوى في الإنسان بمثابة المكبح في السيارة يقيها من الزلة و الانزلاق.

الصوم، الصيام، حقيقة

الهدف الأسمى من كثير من الشعائر الدينية و منها الصيام التقوى، كما في الذكر الحكيم: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»[1]. ولكن هنا يتساءل مرة ما معنى التقوى و ماذا يرام منها؟ و ثانية ما هي حقيقة الصيام؟
الجواب: أما التقوى فهي جعل النفس في وقاية مما يخاف[2] و لعل الكلمة التي نستخدمها في أدبنا الحاضر بديلا عن كلمة التقوى و قريبة من معناها هي كلمة «الإلتزام». فالتقوى هي التزام واع و مفروض على الانسان بسبب الأضرار التي تصيبه إن ترك الالتزام[3]. بعبارة أخرى التقوى في الإنسان بمثابة المكبح في السيارة يقيها من الزلة و الانزلاق.
و أما الصيام فله مراتب يختلف بعضها عن بعض و يكفي أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى رواية عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ إِنَّمَا لِلصَّوْمِ شَرْطٌ يَحْتَاجُ أَنْ يُحْفَظَ حَتَّى يَتِمَّ الصَّوْمُ وَ هُوَ الصَّمْتُ الدَّاخِلُ أَ مَا تَسْمَعُ مَا قَالَتْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ‏ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا يَعْنِي صَمْتاً فَإِذَا صُمْتُمْ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الْكَذِبِ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ لَا تَنَازَعُوا وَ لَا تَحَاسَدُوا وَ لَا تَغْتَابُوا وَ لَا تَمَارَوْا وَ لَا تَكْذِبُوا وَ لَا تُبَاشِرُوا وَ لَا تَخَالَفُوا وَ لَا تَغَاضَبُوا وَ لَا تَسَابُّوا وَ لَا تَشَاتَمُوا وَ لَا تُفَاتِرُوا وَ لَا تُجَادِلُوا وَ لَا تُنَادُوا وَ لَا تَظْلِمُوا وَ لَا تُسَافِهُوا وَ لَا تَضَاجَرُوا وَ لَا تَغْفُلُوا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الْزَمُوا الصَّمْتَ وَ السُّكُوتَ وَ الْحِلْمَ وَ الصَّبْرَ وَ الصِّدْقَ وَ مُجَانَبَةَ أَهْلِ الشَّرِّ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ وَ الْكَذِبَ وَ الْفَرْيَ وَ الْخُصُومَةَ وَ ظَنَّ السَّوْءِ وَ الْغِيبَةَ وَ النَّمِيمَةَ وَ كُونُوا مُشْرِفِينَ عَلَى الْآخِرَةِ مُنْتَظِرِينَ لِأَيَّامِكُمْ مُنْتَظِرِينَ لِمَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ مُتَزَوِّدِينَ لِلِقَاءِ اللَّهِ وَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ وَ الْخُشُوعُ وَ الْخُضُوعُ وَ ذُلُّ الْعَبْدِ الْخَائِفِ مِنْ مَوْلَاهُ حَائِرِينَ خَائِفِينَ رَاجِينَ مَرْغُوبِينَ مَرْهُوبِينَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ قَدْ طَهَّرْتُمُ الْقُلُوبَ‏ مِنَ الْعُيُوبِ وَ تَقَدَّسَتْ سَرَائِرُكُمْ مِنَ الْخَبَثِ وَ نَظَّفْتَ الْجِسْمَ مِنَ الْقَاذُورَاتِ وَ تَبَرَّأْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْ عِدَاهُ وَ وَالَيْتَ اللَّهَ فِي صَوْمِكَ بِالصَّمْتِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ مِمَّا قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ وَ خَشِيتَ اللَّهَ حَقَّ خَشْيَتِهِ فِي سِرِّكَ وَ عَلَانِيَتِكَ وَ وَهَبْتَ نَفْسَكَ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ صَوْمِكَ وَ فَرَّغْتَ قَلْبَكَ لَهُ وَ وَهَبْتَ نَفْسَكَ لَهُ فِيمَا أَمَرَكَ وَ دَعَاكَ إِلَيْهِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَأَنْتَ صَائِمٌ لِلَّهِ بِحَقِيقَةِ صَوْمِهِ صَانِعٌ لِمَا أَمَرَكَ وَ كُلَّمَا أَنْقَصْتَ مِنْهَا شَيْئاً فِيمَا بَيَّنْتُ لَكَ فَقَدْ نَقَصَ مِنْ صَوْمِكَ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ وَ إِنَّ أَبِي ع قَالَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص امْرَأَةً تُسَابُّ جَارِيَةً لَهَا وَ هِيَ صَائِمَةٌ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِطَعَامٍ فَقَالَ لَهَا كُلِي فَقَالَتْ أَنَا صَائِمَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ كَيْفَ تَكُونِينَ صَائِمَةً وَ قَدْ سَبَبْتِ جَارِيَتَكِ إِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حِجَاباً عَنْ سِوَاهُمَا مِنَ الْفَوَاحِشِ مِنَ الْفِعْلِ وَ الْقَوْلِ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ مَا أَقَلَ‏ الصُّوَّامَ‏ وَ أَكْثَرَ الْجُوَّاعَ‏»[4].

المصادر:
[1]. البقرة، 183.
[2]. «مفردات ألفاظ القرآن»، الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد، بيروت، دارالقلم، الطبعة الاولى، ج1، ص881.
[3]. «من هدى القرآن»، المدرسي، محمدتقي، طهران، دار محبي الحسين، الطبعة الاولى، 1419ق، ج1، ص329.
[4]. «النوادر»، الأشعري القمي، أبوجعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قم، مدرسة الإمام المهدي، الطبعة الاولى، 1408ق، ص21.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.