دراسة حول السماء

12:00 - 2016/09/15

الملخص: إن السماء في القرآن لها مكانةٌ خاصةٌ و حسبك في ذلك إلقاء نظرة عابرة عليه؛ حيث يذكر كلمة «السماء» أكثر من مرة و يحث أولي الألباب على التفكر في خلقها، فمن هذا المنطلق قمنا بدراسة حولها كي يتضح معناها أكثر فأكثر.

سماء, دنيا,سبعة

إن للسماء مكانةً مرموقةً في كتاب الله و يكفي في ذلك إلقاء نظرة عابرة عليه؛ حيث ذكرت كلمة «السماء» فيه أكثر من مرة و حث أولي الألباب على التفكر في خلق السماوات[1]. فمن هذا المنطلق يجدر بنا الدراسة حولها كي يتضح معناها أكثر فأكثر. كلمة «السماء» في اللغة تطلق على كل ما ارتفع و علا و لهذا قيل لسقف البيت السماء[2]. ولكن تشعبت وجهات نظر المفسرين و العلماء المسلمين في المقصود من السماء و من اتصافها بسبعة في القرآن الكريم، كقوله سبحانه: «تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فيهِنّ»[3]. إختلفوا في السماوات و في عددها فهم بين مكثر يزعمها مليارات و بين مقل يعتقدها سبعة[4]، على تفصيل سيوافيك:
1. منهم من قال: إن المقصود من السماوات السبع هو الكواكب السّبع في مصطلح الفلكيين القدامى و هي عطارد و الزهرة و المريخ و المشتري و زحل و القمر و الشمس.
2. و منهم من قال: إن المقصود بها هو الطبقات المتراكمة للغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية.
3. و منهم من قال: إن العدد (سبعة) هنا لا يراد به العدد المعروف المتوسط بين ستة و ثمانية، بل يراد به الكثرة، أي أن معنى «السماوات السبع» هو السماوات و الكرات الكثيرة في الكون. و لهذا نظير في كلام العرب و في القرآن، كقوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ»[5]. و واضح أن المقصود بالسبعة في هذه الآية ليس العدد المعروف، لأن علم اللّه لا ينتهي حتى و لو أن البحر يمده من بعده الآلاف المؤلفة من الأبحر.
4. الأصح في رأينا بالنظر إلى سائر الآيات و الأحاديث التي وردت في هذا المجال أن السماء بناء[6] متين و شديد[7]، لها حدود و تخوم[8] و فيها الكواكب و النجوم[9]، مسيطرة على الأرض[10]، مرفوعة بأعمدة غير المرئية[11]، مشتملة على جدد و طرق كطرق الأرض و جددها[12].
و أما المقصود بالسماوات السبع فهو وجود سبع أبنية بهذا العدد، بعضها فوق بعض[13]. و تكرير السماوات متصفةً بهذا العدد في آيات الذكر الحكيم و كذلك وصف السماء بالدنيا بين حين و آخر[14]، يدلان على أن العدد المذكور في هذه الآيات لا يعني المبالغة و الكثرة، بل يعني العدد الخاص بالذات.
كما أن المستفاد من آيات أخرى هو أن كل الكرات و السيّارات المشهودة هي جزء من سماء واحدة و ثمة ستة عوالم أخرى خارجة عن نطاق رؤيتنا و وسائلنا العلمية اليوم. و هذه العوالم السبعة هي التي عبّر عنها القرآن بالسماوات السبع فما نراه و ما يتكون منه عالم الأفلاك هو جزء من السماء الأولى و ما وراء هذه السماء ست سماوات أخرى ليس لدينا اليوم معلومات عن تفاصيلها[15] و الراصدون يعترفون أن أقصى ما اكتشفوه هو بداية الكون لا نهايته و ما يدريك لعل العلم سيكتشف في المستقبل سماوات و عوالم أخر!

المصادر:
[1]. آل عمران: 191.
[2]. «لسان العرب»، ابن منظور، محمد بن مكرم، بيروت، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الثالثة، 1414 هـ، ج14، ص398.
[3]. الإسراء: 44.
[4]. «الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن»، صادقي الطهراني، محمد، قم، انتشارات فرهنك اسلامي، الطبعة الثانية، 1365 للهجرة الشمسية، ج29، ص15.
[5]. لقمان، 27.
[6]. البقرة: 22.
[7]. النبأ: 12.
[8]. الرحمن: 33.
[9]. الملك: 5.
[10]. المؤمنون: 17.
[11]. «تفسير القمي»،القمي، علي بن إبراهيم، قم، دار الكتاب، الطبعة الثالثة، 1404هـ، ج2، ص328.
[12]. كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: سَلُونِي عَنْ طُرُقِ‏ السَّمَاءِ فَإِنِّي أَعْرَفُ بِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَرْض‏. «نهج الحق و كشف الصدق»، الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، بيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 1982م، ص240.
[13]. الملك: 3.
[14]. الصافات: 6، فصلت: 12، الملك: 5.
[15]. «الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل»، مكارم الشيرازي، ناصر، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، الطبعة الأولى، 1421هـ، ج1، ص151.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.