لما وُلد رسول الله صلى الله عليه وآله، كان أبوه قد توفي؛ وقام جده "عبد المطلب" برعايته، ولم يمض من عمره أكثر من سبع سنوات حتى توفي جده.
أبو طالب حامي الرسول: قبل أن يرتحل عبد المطلب، وهو على فراش الموت، قدّم من بين أبنائه أبا طالب كفيلاً للنبي صلى الله عليه وآله كما جاء في المصادر: عندما توفي جده الكريم، كان النبي (صلى الله عليه وآله) يبلغ من العمر ثمانية أعوام؛ وفي لحظة وفاته، أقبل بوجهه على أبي طالب لأنه لم يكن في أولاد عبد المطلب أرفق منه برسول الله صلى الله عليه وآله ولا أميل منه، ثم أنشأ يقول:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بموحد بعد أبيه فردي...[1]
أجابه أبو طالب قائلاً: يا أبتاه! محمد صلى الله عليه وآله لا يحتاج إلى أمر، لأنه ابني وابن أخي (وكان أبو طالب وعبد الله من والدة واحدة).
أبو طالب كفيل الرسول
وكفل رسولَ الله بعد وفاة عبد المطلب أبو طالب عمه، فكان خير كافل. وكان أبو طالب سيدا شريفا مطاعا مهيبا مع إملاقه. قال علي بن أبي طالب: أبي ساد فقيرا، وما ساد فقير قبله.[2]
كان أبو طالب شديد الصداقة والمودة تجاه النبي صلى الله عليه وآله، لدرجة أنه لم يحب أحداً من أولاده مثل ذلك. كان ينام بجوار النبي صلى الله عليه وآله، وعندما يخرج، كان يأخذه معه، ويقول العلامة المجلسي: "وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أخذ مضجعه ونامت العيون جاءه أبو طالب فأنهضه عن مضجعه وأضجع عليا مكانه ووكل عليه ولده وولد أخيه"[3]وربّتْهُ فاطمةُ بنتُ أسد بن هاشم امرأة أبي طالب وأم أولاده جميعا.
ويروي عن رسول الله لما توفيت، وكانت مسلمة فاضلة، أنه قال: اليوم ماتت أمي، وكفنها بقميصه ونزل على قبرها واضطجع في لحدها. فقيل له: يا رسول الله لقد اشتد جزعك على فاطمة. قال: إنها كانت أمي، أن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمي.[4]
ونقل أبو طالب رسول الله إلى بيته وهو في الثامنة من عمره، حتى سن الخمسين لم يتخلّ لحظة عن دعم وحماية ومؤازرة رسول الله صلى الله عليه وآله لحظة واحدة.
ولما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام، اشتد على أبي طالب نكير قريش، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته. فقال له أبو طالب: اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشئ أبدا.[5]
المصادر:
[1] . تاريخ اليعقوبي، احمد بن أبي یعقوب، ج2، ص 13.
[2] . المصدر، ج2، ص 14.
[3] . بحارالأنوار، محمد باقر المجلسي، ج 35، ص 93.
[4] . تاريخ اليعقوبي، احمد بن أبي یعقوب، ج2، ص 14.
[5] . الغدير، العلامة الأميني، ج ٧، ص 359-٣٦٠.