مناقشة تحليلية في إيمان أبي طالب

11:02 - 2024/05/12

تردد البعض في إيمان أبي طالب عليه السلام استنادا إلى رواية ضعيفة، وترك المئات من الروايات في إيمانه عليه السلام، وخلافا لما ورد في القرآن الكريم من تلازم الإيمان والعمل الصالح.

إيمان أبي طالب : في الثقافة القرآنية يُعدّ الإيمان والعمل الصالح توأمين. وحيثما ورد حديث عن الأعمال الصالحة، يُذكر الإيمان بجانبها، فالأعمال الصالحة هي مرآة الإيمان والمعتقدات الداخلية للإنسان. قال تعالى:"وَمَن یَأتهِ مُؤمِناً قَد عَمِلَ الصّالِحاتِ"[1]فالإيمان خِطة داخلية، وأعمال المؤمن مبنية على هذه الخِطة، وفقًا لرؤية القرآن الكريم:" كلٌّ يعملُ على شاكِلَتِهِ"[2]

فيجب البحث إذن عن الشخصيات في أفعالهم ومعتقداتهم قبل كل شيئ، وبعد ذلك يُحكم عليهم. وأحد الشخصيات البارزة التي أُثيرتْ حولها تقييمات مختلفة هو أبو طالب عليه السلام. فعدم فهم شخصيته وسياسته، جعلت بعض الناس ينحرفون بالحكم عليه، مما خلق شكوكًا وتساؤلات حول إيمان أبي طالب واتهموه بالشرك.

هذه الفئة المتعصبة والمبغضة، ليس فقط تعد أبا طالب كافرًا، بل تقول إن والدَي رسول الله صلى الله عليه وآله ماتا كافرين ودخلا النار![3]كيف وقد قال الإمام علي عليه السلام: "والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط، قيل: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم عليه السلام متمسكين به".[4]

وقد أُلّفتْ كتب مستقلة حول إيمان أبي طالب، ونقل صاحب الغدير مئات الأحاديث من مصادر موثوقة (شيعية وسنية) مع اعتراف الباحثين والمؤرخين بها.[5]

إن بعض العلماء والباحثين من أهل السنة، لم يستطع أن يُخفي ما في ضميره تِجاه الإمام علي وأبيه عليهما السلام. ويبدو أن ابن أبي الحديد، قبل غيره قد تناول هذا الموضوع ونقل أحاديث وقضايا مثيرة للاهتمام، ومفيدة للباحثين عن الحقيقة؛ وإن كان ابن أبي الحديد نفسه يعد من المتوقفين في إيمان أبي طالب عليه السلام![6]

أبي طالب

دعمُ أبي طالب للإسلام

يقول ابن أبي الحديد: وصنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتابا في إسلام أبى طالب، وبعثه إليَّ وسألني أن اكتب عليه بخطى نظما أو نثرا، أشهد فيه بصحة ذلك، وبوثاقة الأدلة عليه، فتحرجت أن أحكم بذلك حكما قاطعا، لما عندي من التوقف فيه، ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبى طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة...[7]

وكأنّ أكثر من ثلاثة آلاف بيت شعر لأبي طالب في مدح رسول الله ورسالته لم تَعُد تُقنع هؤلاء بإيمان أبي طالب عليه السلام! ولا مئات الأحاديث الواردة عن رسول الله والأئمة الطاهرين عليهم السلام في هذا الشأن! وتمسكوا بحديث ضعيف رواه المغيرة بن شعبة وهو رجل فاسق مبغض لأهل البيت ولاسيما الإمام علي عليه السلام![8]فهل من العدل أن يشكك أحد في إيمان أبي طالب أو يصفه بالشرك؟

المصادر:

[1] . سورة طه، الآية 75.

[2] . سورة الإسراء، الآية 84.

[3] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج ١٤، ص ٦٦.

[4] . بحارالانوار، محمد باقر المجلسي، ج 35، ص 81.

[5] . الغدیر، العلامة الأمیني، ج7، ص 331 ـ 413 وج 8، ص1 ـ 31.

[6] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج ١٤، ص 70.

[7] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج ١٤، ص 83.

[8] . قال في شرح نهج البلاغة، ج14، ص70: قالوا وأما حديث الضحضاح من النار، فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد، وهو المغيرة بن شعبة، وبغضه لبني هاشم وعلى الخصوص لعلى عليه السلام مشهور معلوم، وقصته وفسقه أمر غير خاف.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
11 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.